« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 -التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

 

ونحن نقول:- المناسب التفصيل - لا أنها تجري مطلقاً ولا أنها لا تجري مطلقاً - بين ما إذا كان الشك في قيد الحكم وبين غيره، فإنَّ كل حكمٍ - كما نعرف - يحتاج إلى أمورٍ ثلاثة متعلق ومتعلق المتعلق - والذي قد يعبر عنه بالموضوع - والقيود، فمثلاً في قولنا ( يحرم شرب الخمر على البالغ العاقل ) يكون الشرب متعلَّق التحريم والخمر موضوعٌ - لأنه متعلق المتعلق - والبلوغ والعقل هما من القيود.

وباتضاح هذه المقدّمة نقول:- إنه إذا كان الشك في أصل الحكم فهذا خارج عن محل بحثنا، لأنَّ الشك فيه ليس شكاً في الموضوع - أي ليس في شبهة موضوعية - بل هو شك بنحو الشبهة الحكمية حيث يشك في أصل الحكم ولكنه في نفس الوقت هو مجرى للبراءة مادام الشك في الحكم إلا أنه خارج عن محل كلامنا لأنَّ محل كلامنا هو في الشبهة الموضوعية.

فإذاً لابد من فرض الشك في أحد الأمور الثلاثة، وعلى هذا الأساس نقول:-

أولاً:- إذا كان الشك في القيد فمرجعه إلى الشك في ثبوت الحكم فيكون مجرى للبراءة، من قبيل البولوغ، فإنَّ البلوغ هو قيدٌ في ثبوت الحكم، فإذا شك في البلوغ فمرجعه يكون إلى الشك في الحكم فيكون مجرى للبراءة.

ثانياً:- إذا كان الشك في المتعلق، وهذا له حالتان:-

الحالة الأولى:- أن تكون الشبهة وجوبية ويشك في صدور الواجب، كالصلاة إذا شك في تحققها فيجب آنذاك الاحتياط بالاتيان بها لكون المورد من الشك في الامتثال بعد اليقين بثبوت التكليف، فإنه حينما دخل وقت الصلاة فقد توجه التكليف إلى المكلف جزماً ولكن بعد أن مضت فترة من وقتها وشك أنه صلى أو لا فهذا شك هو شك في متعلَّق الوجوب، وهذه شبهة وجوبية والشك هنا شك في المتعلَّق فيجب حينئذٍ الاحتياط لكون الشك هو شك في الامتثال بعد اليقين بالاشتغال. وكذلك مثل ما إذا قيل قف بعرفة وكان المكان الذي فيه المكلف جزماً هو من عرفة ولكنه يشك هل يصدق عليه عنوان الكون في عرفة أو لا - كما إذا كان يستعين بطائرة وهي تقف في أجواء عرفة بمسافة قريبة من أرضها كمتر أو مترين مثلاً، فهو لم يقف على أرض عرفة وإنما هو يفق في الطائرة - ففي مثل هذه الحالة يشك في صدق عنوان الوقوف في عرفة عليه وحينئذٍ يجب عليه الاحتياط، وعليه فلابد من نزوله من الطائرة والوقوف على أرض عرفة.

الحالة الثانية:- إذا كان الشك في المصداق في مورد الشبهة التحريمية، كما إذا قيل لا تكذب وشك المكلف في إخبارٍ معيّن أنه كذب أو ليس بكذب ففي مثل هذه الحالة تجري البراءة، لأنَّ مرجع تحريم الكذب إلى أنَّ كل إخبار إذا اتصف بكونه كذباً فهو محرم، فاتصاف الكلام بكونه كذباً هو قيد في التحريم، وحينئذٍ مادمنا نشك في قيد التحريم فيمكن حينئذٍ اجراء البراءة.

وهكذا الكلام فيما لو قيل لا تشرب الخمر فإنَّ مرجعه إلى أنَّ الشرب متى ما اتصف بكونه شرباً للخمر فهو حرام، فاتصاف الشرب بكونه شرباً للخمر هو قيدٌ في الحرمة، فلو شك في تحقق عنوان الشرب كما لو فرض أنه زرَّق الخمر من خلال الابرة في بدنه فهذا يشك في شمول دليل حرمة شرب الخمر لمثله، نعم بالتالي سوف يصل الخمر إلى داخل بدنه فإذا شككنا في الحرمة فالمناسب حينئذٍ اجراء البراءة؛ إذ بالتالي نشك أنَّ هذا شربٌ للخمر أو لا فيكون مجرب للبراءة، اللهم إذا استفاد فقيه من دليل حرمة الخرم أنَّ الخمر لابد من الابتعاد عنه بأيّ شكل من الاشكال فهنا يلزم الابتعاد عنه حتى من خلال تزريق الأبرة وحينئذٍ لا تجري البراءة وإلا جرت.

logo