47/05/24
-التنبيه الثالث ( البراءة في الشبهات الموضوعية ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
الموضوع: - التنبيه الثالث ( البراءة في الشبهات الموضوعية ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
المناسب في المقام:- ذكرنا فيما سبق ستة احتملات في المراد من حديث من بلغ وناقشنا الجميع، وبعد هذا نقول: المناسب أن يقال إنَّ أخبار من بلغ تدل جزماً بمدلولها المطابقي على الحث على فعل ما بلغ عليه الثواب - يعني الحث على ذلك الشيء الذي بلغ الثواب عليه - وإنما الكلام في أنه هل ذلك ناشئ من استحباب الفعل البالغ عليه الثواب، يعني هل يمكن أن نستنتج أنَّ هذا الفعل الذي بلغ عليه الثواب هو مستحب أو لا؟ إنَّ استفادة ذلك محل إشكال، لاحتمال أنَّ الحث ليس من هذه وبالتالي لا يمكن أن سنتنتج من الحث استحباب ذلك الشيء بل يحتمل أنَّ ذلك الحث هو من جهة التحفّظ على المستحبات الواقعية، وكأن حديث من بلغ يريد من المؤمن تفويت شيء من المستحبات فيقول له متى ما بلغك ثواب على عمل إئت به، وعليه فحديث من بلغ لا يريد أن يثبت استحباب الفعل بعنوان البلوغ وإنما هو وارد كي يحث المؤمنين على فعل جميع المستحبات، فكل ما سمعت بأن هذا فعل مستحب أو ذاك فعل مستحب وعليه ثواب ائت به، وهذا الاحتمال موجود ويكفينا الاحتمال لبطلان التمسك بالحديث، فحديث من بلغ يحتمل أنه يريد الحث على الاتيان بالمستحبات الواقعية والتحفظ عليها بأجمعها ولا يتم التحفظ عليها باجمعها إلا بهذا الطريق، وبذلك تكون قد تحفظت على جميع المستحبات الواقعية، وبناء عليه لا يمكن الحكم باستحباب ما وصل استحبابه بطريق ضعيف، فمادام قد وصل استحبابه بطريقٍ ضعيف لا يمكنك الاتيان من باب التمسك بقاعدة من بلغ بل لابد وأن تأتي به برجاء المطلوبية، وما ذكرناه في المراد من معنى حديث من بلغ إن لم نجزم به فلا أقل هو احتمال وجيه كسائر الاحتمالات الستة المتقدمة، ومعه فلا يمكن الجزم بالاحتمالات السنة السابقة.
عودٌ إلى صلب الموضوع:- كان كلامنا فيما سبق تحت عنوان تنبيهات البراءة وذكرنا التنبية الأول وكان في شرائط دجريان أصل البراءة التي منها عدم وجود أصلٍ حاكم على أصل البراءة، وكان التنبيه الثاني هو قاعدة التسامح في أدلة السنن وقد انتهينا من بحثها واتضح أنَّ حديث من بلغ يمكن اعطاءه تفسير آخر لا كما ذكر المشهور، والآن نتقل إلى تنبيه آخر.
التنبيه الثالث:- البراءة في الشبهات الموضوعية.
والمقصود من هذا العنوان أنَّ البراءة لا اشكال في جريانها في الشبهة الحكمية التحريمية، كالتدخين إذا شككنا أنه جائز أو لا فنجري البراءة عن حرمته، ولكن الكلام أنه هل تجري البراءة في الشبهة الموضوعية أو لا؟ ومثال ذلك ما لو وجدت شيئاً في مكانٍ ولا أدري أنه ملكي فيجوز التصرف فيه أو ليس ملكي فلا يجوز لي التصرف فيه فهذه شبهة موضوعية تحريمية والكلام هل تجربي البراءة هنا أو لا؟ المعروف بين الاصحاب جريان البراءة حتى في الشيهة الموضوعية لعموم أحاديث البراءة مثل (رفع عن متي ما لا يعلمون) ولا تختص بخصوص الشبهة الحكمية، فنطبق البراءة في الشبهة الموضوعية ونثبت جواز اسعمال هذا الشيء أو أكله أو غير ذلك، وكذلك بالتسمك برواية ابن سنان في هذا المجال أيضاً.