-التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) - تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

الاحتمال الرابع في المقصود من أخبار من بلغ:- أن يقال إنَّ أخبار من بلغ هي ارشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط عند بلوغ الثواب على عمل وأنَّ الآتي بالعمل بقصد الثواب هو منقادٌ والمنقاد يستحق الثواب، وقد تبنى ذلك الشيخ الأعظم والسيد الخوئي.

ويرد عليه:- إنَّ العقل يحكم بأصل استحقاق المنقاد للثواب دون خصوص المقدار الذي بلغ، ومعه فلا معنى لدعوى كون اخبار من بلغ هي ارشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط فإنَّ العقل يحكم بذلك في أصل الثواب لا بالمقدار الذي بلغ عليه الثواب.

الاحتمال الخامس:- أن تكون وعداً بتفضّل الشارع بمنح الثواب لمن بلغه من دون أن تكون دالة على استحباب العمل شرعاً خلافاً للاحتمال الثاني والثالث، وتوجيه هذا الاحتمال: أنَّ اثبات الثواب بالمقدار البالغ لا معنى له إلا أن يكون من باب الوعد والتفضّل.

ويرده:- إنَّ ظهور اخبار من بلغ في الحث والترغيب وأنَّ الشارع يطلب فعل ما بلغ عليه الثواب أمر لا يقبل التشكيك بل هي تدل على ذلك، ومعه تكون دالة على استحباب العمل، ولكن القول بالاستحباب يرجع إلى الاحتمال الثاني والثالث، وبذلك يكون هذا الاحتمال راجعاً إليهما وليس احتمالاً جديداً مستقلاً.

الاحتمال السادس:- أن يكون المقصود من أخبار من بلغ هو تكميل محركية الأوامر الاستحبابية الواصلة بطريقٍ معتبر ولكن حيث إنَّ المكلف يحتمل خطأ ذلك الطريق المعتبر فقد يوجب ذلك ضعفاً في تحركه فالمولى قد يوجهه بأنَّ إعطاء الثواب هو ثابتٌ له حتى وأن كان الطريق المعتبر مخطئاً، ولا معنى لاعطاء الثواب ولا تفسير له إلا اكمال محركية المكلف.

ويرده:- إنَّ هذا الاحتمال وإن كان وجيهاً إلا أنه لا وجه لاعتبار خصوص الطريق المعتبر، بل أحاديث من بلغ تعطي الثواب حتى على الحديث الوارد بطريقٍ ضعيف، فهي شاملة لذلك، وعليه فلا معنى لأن يقيد بكون الثواب الواصل هو واصل بطريق معتبر، بل ليس من اللازم أن يكون الطريق معتبراً، فإنه إذا كان المقصود من اخبار من بلغ هو تحريك المكلف نحو المستحب فهذا التحريك يتحقق حتى في الخبر الوارد بطريقٍ غير معتبر وبه يثبت الاستحباب، فإنَّ قاعدة من بلغ تعم الطرق غير المعتبرة ولا تختص بما إذا كان الطريق معتبراً.