47/05/17
الموضوع: - التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن )- تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
وأما الشيخ الاصفهاني:- فقد ذكر في ردَّ هذه القرينة بأنَّ تفريع العمل على بلوغ الثواب بالفاء يوجد فيه احتمالات، فيحتمل كون التفريع من باب ترتب احدهما على الآخر ترتباً خارجياً، من قبيل ( سمع فلان الأذان فبادر إلى المسجد ) فهنا أُتي بالفاء من باب أنَّ الداعي إلى المبادرة هو ادراك الثواب وليس سماع الأذان، نعم المباردة إلى المسجد خارجاً تحصل بعد سماع الأذان - وهذا صحيح كما قال الشيخ الاصفهاني، فإنني حينما أبادر إلى العمل يكون بعد أن يبلغني الثواب عليه، فالاتيان بالعمل مرتبت خارجاً على البلوغ -، وبعد اتضاح هذا نقول: كما أنَّ الفاء في فقرة ( من بلغه ثواب على عمل فعمله ) يحتمل أن تكون مشيرة إلى التفريع على الغاية فتوجب تعنون الفعل بتلك الغاية - كما أراده الشيخ الأعظم - يحتمل أيضاً أن تكون مشيرة إلى تفريعٍ آخر وهو التفريع الخارجي، فإنه عادةً يؤتى بالعمل بعد حصول البلوغ، فصحيح أنَّ هذه الفاء هي للترتيب ولكن ليس من باب الترتيب لأجل البلوغ بأن تكون الفاء لأجل البلوغ وإنما يحتمل أن تكون من باب الترتب الخارجي، فإنَّ الانسان عادةً يأتي بالعمل خارجاً بعد أن يتحقق لديه بالبلوغ، وما دام يحتمل كونها مشيرة إلى التفريع بلحاظ عالم الخارج فسوف يحصل اجمال في حديث من بلغ.
وأما القرينة الثانية التي ذكرها الشيخ الأعظم:- فهي كلمة ( طلب ) الواردة في حديث من بلغ - ( من بلغه ثواب على عمل فعمله طلب قول النبي ) - فإنها تدل على أنَّ الداعي للاتيان بالعمل هو طلب قول النبي صلى الله عليه وآله.
ولكن الشيخ الخراساني ناقش هذه القرينة وقال:- إنَّ التقييد بطلب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن جاء في رواية محمد بن مروان إلا أنَّ صحيحة هشام مطلقة ورُتّبَ فيها الثواب على ذات العمل من دون قيد طلب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا منافاة بين اطلاق الرواية الأولى وتقييد الرواية الثانية فيؤخذ بإطلاق الأولى.
هذا ماذ كره الشيخ الخراساني في اثبات الاحتمال الثالث.