47/05/16
الموضوع: - التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن )- تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
الاحتمال الثالث:- جعل الاستحباب للفعل بعنوانه الأولي وليس بعنوانه الثانوي - أعني البلوغ - وقد اختاره الشيخ الخراساني في كفايته[1] ، وذكر في توجيهه أنَّ ظاهر أخبار من بلغ هو ما إذا كان الثواب ثابتاً على نفس العمل لأنها قالت: ( من بلغة ثواب على عمل فعمله ) فإنَّ المستفاد منها أنَّ الثواب ثابتٌ لنفس العمل وتعبير الرواية واضح في ذلك.
ثم بعد ذلك حاول ردَّ القرينتين اللتين تمسك بهما الشيخ الأعظم على كون الثواب ليس لذات العمل بل على العمل بقيد البلوغ.
القرينتين اللتين ذكرهما الشيخ الأعظم هما:-
الأولى:- تعبير ( فعمله ) الواردة في الحديث الشريف، فإنَّ الفاء هي فاء التفريع وهي تدل على أنَّ العمل قد أُتي به لأجل البلوغ، وإذا أُتي به لأجل البلوغ فالثواب سوف يكون على العمل المقيد بهذا القيد وهو العمل البالغ المتصف والمقيد بالبلوغ لا لذات العمل.
الثانية:- رواية محمد بن مروان المتقدمة حيث ورد فيها: ( من بلغه ثوباً على عمل ففعل ذلك طلب قول النبي صلى الله عليه وآله )، فهو عمل العمل لأجل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إلا أنَّ الشيخ الخراساني ردَّ ذلك وقال:- بل الثواب مترتب على ذات العمل ودفع هاتين القرينتين.
أما القرينة الأولى:- فقد ناقشها هو وتلميذه الاصفهاني.
أما هو:- فقد قال نسلّم أنَّ البلوغ هو داعٍ إلى العمل ولكن رغم كونه داعياً إلا أنه لا يوجب تعنون العمل بالعنوان المذكور - أي بعنوان البلوغ - حتى يصير الثواب هو للعمل المقيد بالبلوغ، بل البلوغ هو داع إلى العمل ولكنه لا يكون موجباً لتعنون العمل بالعنوان الثانوي، قال:- ( بداهة أنَّ الداعي إلى العمل لا يوجب له وجهاً وعنواناً يؤتى به بذلك الوجه والعنوان )[2] .
ولكنه لم يذكر توجيهاً لذلك، وكان المناسب أن يقرن دعواه بتوجيهٍ وإلا كانت ركيكة.
ولكن يمكن أن نذكر لها توجيها وذلك بأن نقول:- إنَّ رتبة الداعي تغاير رتبة العمل، فإنَّ الداعي دائماً يكون متقدماً من حيث الرتبة على العمل، فمثلاً أنا دائماً يوجد عندي داعٍ إلى السفر، وحينما يحصل الداعي يحصل بعد ذلك السفر - العمل -، ومادامت الرتبة مختلفة فيستحيل أن يكون الداعي قيداً للفعل وعنواناً له وإلا لزم صيرورة ما رتبته متقدمة متأخرة وبالعكس.