« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

-التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن )- تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - التنبيه الثاني ( قاعدة التسامح في أدلة السنن )- تنبيهات البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

 

وقد ويوجه الاحتمال الأول: - بأنَّ ظاهر اخبار من بلغ الحث على العمل والاتيان بالعمل على وفق البلوغ، ومن المعلوم أنَّ الأمر بالعمل على وفق شيءٍ يدل عرفاً على حجيته، نظير ما إذا قيل ( اعمل على طبق خبر الثقة ) فإنه يدل على أنَّ خبر الثقة حجة ولذلك أُمِرنا بالعمل على طبقه، وهنا أيضاً نقول إنَّ اخبار من بلغ تدل على أنَّ المدار على البلوغ، وعلى هذا الأساس سوف يثبت بذلك حجية هذا البلوغ وهذا الثواب وبالتالي ثبوت الاستحباب.

ويرده:- لو كان المقصود من اخبار من بلغ هو الارشاد إلى الحجية فليس من المناسب أن يقول حديث من بلغ من بلغه ثواب على عمل كان له ذلك الثواب وإن لم يكن الواقع مطابقاً لذلك البلوغ، فمثلاً إذا أريد بيان حجية الخبر غير مسألة البلوغ وإنما في مسألة حجية خبر الثقة فلا يقال ( اعمل بخبر الثقة حتى وإن كان مخالفاً للواقع )، بل يقال ( اعمل به ما دمت لا تدري أنه مخالف للواقع )، والمفروض في اخبار من بلغ أنها تقول ( كان له ذلك الثواب وإن كان النبي صلى الله عليه وآله لم يقله )، فإنَّ تعبير ( وإن كان النبي صلى الله عليه وآله لم يقله ) يدل على أنَّ الحديث ليس بصدد اثبات حجية البلوغ فإنه لا يناسب في حجية البلوغ أن يقال ( يثبت لك هذا الشي حتى لو لم يكن الأمر كما بلغك ووصلك ).

فإذاً اثبات الثواب حتى على تقدير بطلان البلوغ وعدم البلوغ واقعاً يدل على أنَّ المقصود من حديث من بلغ معنىً آخر غير اثبات الحجية للبلوغ من قبيل بيان استحباب العمل بسبب البلوغ استحباباً نفسياً مثلاً أو معنىَّ آخر، وعليه فلا يمكن أن نقول إن أخبار من بلغ تثبت الحجية للبلوغ.

إن قلت: - إنَّ حقيقة الحكم الظاهري والتي هو الحجية في مقامنا ترجع إلى ترجيح أحد الحكمين المحتملين في الواقع على الآخر ولا تختلف باختلاف الألسنة، فإنَّ اختلاف التعبير ليس بمهم بعد وحدة الحقيقة.

قلت: - إنَّ اختلاف التعبير واللسان لا يضر فيما إذا فرض أنه كان بمثل جعل العلمية أو المنجّزية فهنا نقول هذان اشبه بالمترادفين فكلاهما يريد أن يجعل الحجية إما بلسان جعل العلمية أو بلسان جعل المنجزية، وأما إذا كان اللسان يقول ( من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله ثواباً على عمل كان له ذلك الثواب وإن كان النبي لم يقله ) فهو لا يتناسب مع جعل الحجية؛ إذ كيف يجعل الحجية حتى في حالة عدم قول الرسول هذا الشيء؟!!

هذا هو المناسب في الجواب على الاحتمال الأول وليس ما قد يقال: - من أنَّ أحاديث من بلغ لا يستفاد منها الحث على العمل على طبق ما بلغ بل يستفاد منها ترتّب الثواب دون الحث على العمل والمجدي في اثبات الحجية هو الحث على العمل لا ترتب الثواب.

فإنه يجاب عن ذلك ويقال: - إنَّ هذا وجيه بلحاظ الدلالة المطابقية، ولكن المفهوم من خلال الدلالة الالتزامية العرفية هو الحث على العمل على طبق ما بلغ حتى وإن كان النبي صلى الله عليه وآله لم يقله، فهو يريد الحث على العمل وتطبيق ما بلغ.

logo