« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

 -البحث عما يقتضيه الأصل إذا لم يكن دليل اجتهادي على قابلية الحيوان للتذكية - تنبيهات أصل البراءة - الاصول العملية.

الموضوع: - البحث عما يقتضيه الأصل إذا لم يكن دليل اجتهادي على قابلية الحيوان للتذكية - تنبيهات أصل البراءة - الاصول العملية.

 

المورد الثالث: - أن يشك في قبول الحيوان للتذكية من جهة الشك في طرو مانع يمنع منها.

فالحيوان في نفسه قابل لتذكية ولكنه صار جلالا وشككنا في قبوله للتذكية وفي هذه الصورة نقول إذا احتملنا طرو المانع ففي هذه الحالة مرة نبني على أن التذكية أمر بسيط وأخرى نبيني على أنها أمر مركب. فإن بنينا على أنها أمر بسيط فحينئذ يجري استصحاب عدم تحقق التذكية فإنه قبل أن نضع السكين لم يكن مذكى فإذا شككنا بعد وضعنا السكين وتحريكه في حصول التذكية نستصحب عدم التذكية الثابت في حال الحياة. وإن بنينا على أنها أمر مركب - وليست اسما للعنوان الانتزاعي البسيط - فمع الشك يشكل إجراء استصحاب عدم التذكية أو استصحاب عدم مانعية الجلل من تحقق التذكية وذلك لعدم وجود حالة سابقة متيقنة يمكن استصحابها حتى يثبت بذلك عدم المانعية.

هذا ولكن السيد الخوئي ذكر في مصباح الاصول[1] :- أنه بالإمكان احراء اصالة عدم تحقق المانع.

ويرد عليه: - أن ما ذكره يتم فيما إذا فرض أننا علمنا بكون الجلل مانعا عن التذكية جزما ولكن شككنا في تحققه فهنا لا بأس باستصحاب عدم تحقق الجلل. ولا يتم في حالة العكس - أي إذا فرض الجزم بتحقق الجلل ولكن شككنا في مانعيته - فإنه لا يمكن إجراء الأصل في مثل هذه الحالة؛ إذ لا يثبت عدم كون الموجود - الجلل - مانعا إلا بالملازمة العقلية فيكون المورد من الأصل المثبت وهو ليس بحجة.

وعليه قد تسال وتقول: - إذا لم يجر الاستصحاب هنا فإلى أي أصل نذهب آنذاك؟

والجواب: - نذهب الى الأصول الفوقية العامة كأصل البراءة وأصل الحل وأصل الطهارة فإن هذه الأصول قابلة للجريان إذا شككنا في طهارة أو حلية هذا الحيوان فإن هذا هو المناسب.

بيد أن الشيخ الخراساني ذكر في كفايته[2] :- أنه يوجد أصل آخر يمكن الرجوع إليه قبل أن تصل النوبة إلى الأصول الفوقية وذلك بأن يشار إلى هذا الحيوان الذي صار جلالا ويقال إن هذا الحيوان كان يطهر ويحل بالتذكية قبل الجلل وبعد الجلل هو كذلك.

ويرده: - أن هذا الاستصحاب تعليقي وجريانه موقوف على حجية الاستصحاب التعليقي والمعروف عدم حجيته، فكما أنه في مثال العصير الزبيبي إذا شككنا في خليته لو غلى يقال هكذا: ( هذا حينما كان عنبا إذا غلى حرم والآن هو كذلك ) فنستصحب الحرمة بناء على حجية الاستصحاب التعليقي. فإذا بنينا على جريانه ففي مقامنا يقال ذلك أيضا فيشار إلى هذا الحيوان الجلال ويقال إن هذا الحيوان قبل الجلل كان طاهرا وبعد أن صار جلالا نشك فنستصحب بقاءه على الطهارة.

ولكن كل ما ذكرناه إنما يتم فيما لو فرض عدم يوجد عموم أو إطلاق فوقاني يمكن التمسك به ينفي اعتبار عدم الجلل وإلا كان هذا العموم أو الاطلاق هو للمحكم في الشبهة الحكمية وليس في الشبهة الموضوعية إذ في الشبهة الموضوعية يجري استصحاب عدم تحقق الجلل ويكون الحكم هو حكم غير الجلال ويحكم بطهارته.


logo