47/04/27
-البحث عما يقتضيه الاصل إذا لم يكن دليل اجتهادي على قابلية الحيوان للتذكية - تنبيهات أصل البراءة - الاصول العملية.
الموضوع: - البحث عما يقتضيه الاصل إذا لم يكن دليل اجتهادي على قابلية الحيوان للتذكية - تنبيهات أصل البراءة - الاصول العملية.
البحث عما يقتضيه الأصل إذا لم يكن دليل اجتهادي على قابلية الحيوان للتذكية: -
من الواضح أن البحث عما يقتضيه الاصل في مسألة قابلية الحيوان للتذكية وعدمها بل في كل مسألة ولو لم تكن مرتبطة بالتذكية يختص البحث عنها في حالة فقدان الدليل الاجتهادي
المثبت لقابلية كل حيوان للتذكية. فاذا كان هناك دليل اجتهادي من آية او رواية يدل على أن كل حيوان هو قابل للتذكية فحينئذ يصير المصير الى عموم هذا الدليل الاجتهادي. وإنما الكلام فيما إذا بينا على فقدان مثل هذا العموم فحينئذ هل الاصل يقتضي قابلية كل حيوان للتذكية أو أنه يقتضي عدم القابلية؟
وقد يقال: - إنَّ محل الكلام يختص بخصوص ما يحل أكل لحمه. وقد يقال هو يعم كل حيوان إلا المسوخ. وقد يقال إن كل حيوان هو يقبل التذكية حتى المسوخ وانما الذي لا يقبل التذكية هو الحشار فقط.
ولكن نقول: - الانسب من كل هذه الاحتمالات أن يقال إن كل حيوان هو وقابل للتذكية إلا ما خرج بالدليل الخاص. فلو دل الدليل الخاص على حيوان أنه غير قابل للتذكية أخذنا به وكان غير قابل للتذكية. وأما إذا لم يدل الدليل الخاص - من اية أو رواية - فالأصل الاولي هو قبوله للتذكية.
وتوجيه ذلك: - دلالة صحيحة علي بن يقطين على أن كل حيوان هو قابل للتذكية ونصها:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء والسمّور والفنك والثعالب وجميع الجلود. قال: - لا بأس بذلك )[1] .
وتقريب الدلالة: - ان ابن يقطين سأل عن لباس الفراء زغيره وكان السؤال عن الصلاة فيه وعن لبسه لان السؤال لم يخصص بشيء واحد والامام عليه السلام اجاب بجواب مطلق وقال: - ( لا بأس بذلك ) وهذا يدل على أن كل لباس مأخوذ من الحيوانات هو طاهر وقابل للتذكية. فجميع هذه الأمور يحل أن تلبس في الصلاة وهذا لازمه أنها تقبل التذكية؛ اذ لو لم تقبل التذكية لم يصح لبسها في الصلاة لأنه لا تصح الصلاة فيما لا يقبل التذكية. وهذا من الأمور الواضحة
إذا بناء على هذه الصحيحة سوف تصير عندنا قاعدة عامة. وهي أن أي لباس مأخوذ من الحيوانات هو محكوم بجواز الصلاة فيه ومحكوم بأنه من حيوان يقبل للتذكية إلا إذا دل الدليل الخاص في مورد خاص على عدم قبوله للتذكية.
فإذا الأنسب التمسك بالعموم الوارد في هذه المعتبرة ومع وجوده يكون المناسب التمسك لاثبات قابلية كل حيوان للتكية بمقتضى هذه الصحيحة إذا كانت الشبهة حكمية. يعني أن الشك لم يكن في هذا اللباس الخاص بل كان الشك في كونه من الغزال مثلا - اي من الحيوان الكلي - فمقتضى هذا العموم هو الجواز مادامت الشبهة حكمية.
وأما إذا كانت الشبهة موضوعية فلا يصح التمسك بعموم هذه الصحيحة لأنه من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية وهو لا يجوز.
والنتيجة: - إذا كان عندنا لباس من حيوان كلي كالغزال فحينئذ نتمسك بعموم هذه الصحيحة. وأما إذا إذا كان الشك في أن هذا اللباس الخاص مأخوذ من الغزال الذي هو مشمول للصحيحة أو من حيوان آخر لم يذك أو هو نجس فحينئذ لا يجوز التمسك بالعموم المذكور لأنه من للتمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
فإذا إنما يجوز التمسك بالعموم فيما إذا كان الشك في اللباس الكلي وفي الحكم الكلي لا فيما ما إذا كان اللباس مأخوذا من حيوان يجوز الصلاة في اجزائه وقد يكون مأخوذا من حيوان نجس العين أو مما لا يؤكل لحمه فهنا لا يجوز التمسك بالعام لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
أجل يصح الرجوع الى استصحاب العدم الأزلي لنفي المخصص المشكوك وبذلك يتنقح موضوع العام ويتمسك بعمومه كأن نفترض أن للدليل قد دل على أن كل حيوان هو قابل للتذكية - كهذه الصحيحة المتقدمة - إلا ما خرج بالدليل - ونحن عندنا اشياء خرجت بالدليل أنها لا تقبل التذكية أو لا تجوز الصلاة فيها. فاذا خرج المورد بالدليل فحينئذ لا يجوز الصلاة فيها. ولكن إذا شككنا أن هذا الجلد أو هذا اللباس هو من أن اجزاء ذلك الحيوان الذي يحوز للصلاة في أجزائه أو أنه من الحيوان الذي لا تجوز الصلاة في اجزائه - كالخنزير والكلب - فهنا يحكم بعدم جواز الصلاة في هذا اللباس المشكوك لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
ولكن يمكن التمسك في مثل هذه الحالة باستصحاب العدم الأزلي: - فلو شككنا أن هذا الحيوان هو كلي الحيوان كالأرنب مثلا إذا شككنا بان هذا الحيوان هو من كلي الأرنب أو لا فإذا استصحبنا أنه من الأرنب ونفينا كونه من ذلك الحيوان الآخر المحرم المشكوك فحينئذ يجوز التمسك بالعموم الذي دلت عليه الصحيحة لأن هذا سوف يصير من باب ضم الأصل إلى العموم ومع نفي المشكوك الذي لا تصح الصلاة فيه فحينئذ يمكن التمسك بالعموم الذي دلت عليه الصحيحة.