« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

-التنبيه الأول- تنبيهات البراءة - اصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - التنبيه الأول- تنبيهات البراءة - اصالة البراءة - الأصول العملية.

 

كلامٌ لصاحب الحدائق[1] : - ذكر صاحب الحدائق كلاماً حاصله: إنَّ الأصوليين حكموا بحرمة اللحم مشكوك التذكية تمسكاً بأصالة عدم التذكية والحال أنهم يقولون بعدم جريان الأصل عند وجود الدليل، والدليل هو قوله عليه السلام: - ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه ) فإنَّ مقتضاه هو جواز الأكل من مشكوك التذكية، ومن قواعدهم المقررة أنَّ الأصل يُخرَج عنه بالدليل، والدليل موجود.

وعلى هذا الأساس ينبغي الأخذ بالدليل وليس بالأصل والدليل يقول ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) فعلى هذا الأساس المناسب لهذا الدليل هو الحكم بالحلّية لا الحكم بعدمها.

ومقصوده من الأصل هنا هو أصالة عدم التذكية.

ويرده: - إنَّ مفاد رواية ( كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ) هو إنها تقرر أصلاً عملياً وليست دليلاً اجتهادياً، وعليه فالأمر يدور بين أصلين، بين التمسك بأصالة عدم التذكية وبين التمسك بالأصل المخالف وهو أصالة الحلّية لا أنه يدور بين أصلٍ ودليلٍ اجتهادي، والتمسك بأصالة الحلّية إنما يجوز في غير مورد أصالة عدم التذكية، كما لو شككنا في شيءٍ لا يحتاج إلى تذكية أنه حرام أو حلال، كما لو وجدنا نباتاً في الأرض ولا ندري أنه حلال أو حرام فهنا نتمسك بأصالة الحلّية. فالمقام إذاً ليس من الدوران بين الدليل الاجتهادي والأصل العملي كما تخيله صاحب الحدائق، فما ذكره غريب.

إن قلت: - ما الوجه في كون ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) أصلاً عملياً.

قلت: - إنَّ الغاية في ( كل شيء لك حلال ) هو أنه ( حتى تعرف أنه حرام )، فالمقرر الذي هو ( كل شيء لك حلال) هو أنه إذا لم تعرف كون الشيء حراماً فهو محكوم بالحلّية، فالغاية هي عدم العلم، وإذا كانت الغاية هي عدم العلم فحينئذٍ يصير أصلا عملياً، وهو مثل ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم ... ) فأصل الطهارة هنا هو أصل عملي.

وعليه فالمورد هنا يكون من الدوران بين الأصلين والقرينة على ذلك هي أنَّ الغاية هي عدم العلم، ومتى ما كانت الغاية هي عدم العلم فالمورد يكون من الأصل العملي.

ومن باب الكلام يجر الكلام لا بأس بالتعرض إلى أصالة عدم التذكية: -

حكم العلمان بجريان أصالة عدم التذكية في مورد الشك في التذكية من دون تفصيل، والحال أنَّ المناسب هو تقييد ذلك بما إذا فسّرت التذكية بالأمر البسيط المسبَّب عن اجتماع الشرائط أو المتحد مع الشرائط، ولا يتم بناءً على تفسيرها بالأمر المركب يعني بالفري زائداً سائر الشرائط، فإذا فسّرنا التذكية بالأمر البسيط فالأصل في كل مشكوك التذكية يصير هو عدم التذكية، وأما إذا فسّرنا التذكية بالأمر المركَّب فحينئذٍ لا تجري أصالة عدم التذكية، أما العلمان فقد حكما بجريانها في مورد الشك من دون تفصيل بين كونها بسيطة أو مركبة والحال أنَّ هذا الأصل مبني على أنَّ التذكية أمرٌ بسيط وليس مركبا.


logo