« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 -التنبيه الأول- تنبيهات البراءة - اصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - التنبيه الأول- تنبيهات البراءة - اصالة البراءة - الأصول العملية.

 

تنبيهات البراءة:

هناك عدَّة تنبيهات ترتبط بالمسألة نشير إلى بعضها.

التنبيه الأول: - شرط جريان أصل البراءة عدم وجود أصلٍ حاكم عليه.

فلو كان هناك أصل حاكم على أصل البراءة فلا يجري أصل البراءة، وأولاً نذكر أمثلة لعدم جريان أصل البراءة لوجود الحاكم، وثانياً نذكر أمثلة لجريان أصل البراءة لعدم وجود الحاكم.

أما أمثلة عدم جريانه لوجود الأصل الحاكم فهي كثيرة نذكر منها: -

المثال الأول: - ما لو تردد أمر المرأة بين كونها زوجة أو اجنبية، كما لو كان الجو مظلماً ودخل الرجل داره فرأى امرأة نائمة ولا يدري أنها زوجته أو اجنبية ففي مثل هذه الحالة لا يمكنه اجراء البراءة من كونها أجنبية، بل مادام يشك في كونها زوجته أو اجنبية فأصل البراءة لا يجري عن كونها أجنبية حتى يرتب آثار الزوجية من جواز النظر وما شاكله بل أصل البراءة لا يجري لوجود أصلٍ حاكم عليه وهو استصحاب عدم العلاقة الزوجية بينه وبين هذه المرأة، فإنه قبل عشر سنين مثلاً لم تكن زوجته وإنما هو تزوج منذ عشر سنين، فيقول إنه قبل عشر سنين لم تكن هذه المرأة زوجتي والآن أشك أنها زوجتي فيستصحب الحالة السابقة وهي عدم كونها زوجة ويثبت بواسطة هذا الاستصحاب أنها أجنبية ولا يكون أصل البراءة جارياً لوجود هذا الأصل الحاكم.

بل نصعد اللهجة ونقول: - إنه حتى لو قطعنا النظر عن الأصل الموضوعي - حتى يمكن اجراء الأصل الحكمي بأن يكون حاكماً - ولكن نقول إنه قبل عشرة أعوام - أي قبل اجراء عقد الزواج عليها - كان النظر إليها بشهوة وما شاكله محرم والآن نثبت أنه محرَّم بالاستصحاب، وعليه فسوف تثبت حرمة كل هذه الأفعال ولا يجري أصل البراءة.

أما لماذا يكون الاستصحاب مقدّم على البراءة؟ سيأتي ذلك في مبحث التعارض.

المثال الثاني: - المال المردَّد بين كونه ملكاً لي أو لغيري مع كونه مسبوقاً بكونه ملكاً للغير، ففي مثل هذه الحالة يجري استصحاب كونه ملكاً للغير ولا تصل النوبة إلى أصل البراءة لوجود استصحاب ملكية الغير.

المثال الثالث: - إذا شك في حلّية حيوانٍ للشك في قبوله للتذكية سواء كنا نشك بنحو الشبهة الحكمية أو بنحو الشبهة الموضوعية ولكن أصالة عدم التذكية يثبت كونه غير مذكى، وغير المذكّى هو موضوعٌ للحرمة من دون حاجةٍ إلى اثبات أنه ميتة بل يكفي لثبوت الحرمة كونه غير مذكى ولا يشترط أن يثبت عنوان المينة، أجل إذا شك في طروّ مانعٍ يمنع من التذكية كالجلل، فهو أكل النجاسة وشككنا هل أكل كثيراً فصار جلّالاً أو لا فيمكن حينئذٍ استصحاب بقاء قبوله للتذكية ونثبت بذلك الحالة السابقة فنقول إنه كان يحلّ ويطهر بفري الاوداج وسائر الشرائط والآن كذلك بالاستصحاب.

وأما أمثلة جريان البراءة لعدم وجود الأصل الحاكم فنذكر مثالين: -

المثال الأول: - ما إذا جزم بقبول الحيوان للتذكية ولكن شك في حليته وأنه هل هو من قبيل الطاووس والأرنب الذي لا يقبل التذكية أو هو من قبيل الحيوانات الأخرى التي تقبل التذكية، فإنه إذا جزم بقبوله للذكية وشك في حلّيته فحينئذٍ لا يعود هناك مانع من اثبات قبوله للتذكية فنتمسك حينئذٍ بأصل البراءة وأصل الحلّية لإثبات حلّية أكل لحمه.

المثال الثاني: - إذا شك في حرمة شيءٍ من دون أن يكون مورداً للتذكية فيجري حينئذٍ أصل البراءة لإثبات حلّيته من دون أيّ مانع ومزاحم، مثل التدخين فإنه يشك في كونه حلالاً أو حراماً وهو ليس مورداً للتذكية تذكية وما شاكلها بل فقط نشك أنه حرام أو ليس بحرام فهنا أصل البراءة وأصل الحلّية يشملانه من دون مانع، وهكذا الأشياء الأخرى التي نشك في حلّيتها وحرمتها من دون حاجةٍ إلى تذكية كالبيبسي.

والخلاصة من كل ما ذكرنا: - إنَّ كل شيء نشك في حلّيته وحرمته يجري فيه أصل البراءة لإثبات حلّيته إذا لم يكن هناك أصل حاكم على أصل الحلّية وأصل البراءة، والأصل الحاكم في الحيوان الذي نشك في قبوله للتذكية أو لا عادةً هو الاستصحاب، ففي مسألة التذكية يوجد أصل حاكم، وأما إذا لم يكن المورد من هذا القبيل فسوف نجري أصل الحلّية وأصل البراءة من دون حاكم.

logo