47/04/07
-أدلة الاخباريين على وجوب الاحتياط والرد عليها - أصالة الاحتياط - الأصول العملية.
الموضوع: - أدلة الاخباريين على وجوب الاحتياط والرد عليها - أصالة الاحتياط - الأصول العملية.
كان كلامنا في أنَّ الإخباري قد يستدل على وجوب الاحتياط في الشبهات التحريمية بالعلم الإجمالي، بأنه يعلم اجمالاً بوجود مجموعة محرمات في الشريعة الإسلامية ولازم ذلك عدم جريان أصل البراءة في الأطراف، وبالتالي يلزم الاحتياط في كل شيءٍ يشك في حرمته.
وقد تقدمت الإجابة عن هذا العلم الإجمالي بعدّة أجوبة كان خامسها للشيخ العراقي حيث قال: - إنَّ العلم الإجمالي المذكور ساقط عن المنجّزية وذلك باعتبار قيام الأمارة الدالة على التحريم في بعض أطرافه، فيكون هذا الطرف منجّزاً بسبب الأمارة، ومع تنجّزه بسبب الأمارة لا يمكن أن يتنجّز من خلال العلم الإجمالي فإنَّ المنجَّز لا يقبل التنجيز ثانيةً.
وأجبنا عن ذلك: - بأنَّ التنجّز قضية اعتبارية وليست حقيقية، ولا بأس بتأكد التنجّز في الامر الاعتباري - أي لا بأس بأن يحصل التأكّد في الأمر الاعتباري -.
وذكرنا الجواب السادس أيضاً: - وهو أنَّ الامارة إذا دلت على ثبوت التحريم في بعض الأطراف فلا مانع حينئذٍ من جريان البراءة في الأطراف الأخرى وجواز ارتكابها - استناداً إلى الأصل المؤمن - وينحلّ العلم الإجمالي انحلالاً حكمياً.
ثم قلنا قد يشكل على كلا الجوابين الخامس والسادس وذلك بأن يقال: - صحيح أنه يوجد عندنا علم اجمالي بمجموعة من المحرمات، وصحيحٌ أنه يوجد لدينا أمارات تدل على المحرمات إلا أنَّ العلم بالأمارات ليس مقارناً للعلم الإجمالي بمجموعة المحرمات، فإنه في أوائل البلوغ المكلف يعلم بوجود مجموعة محرمات في شريعة الإسلام لكن الأمارات الدالة عليها هو لا يعلم بها حينذاك ولكن اطلاعه على الأمارات يحصل بعد بفترة ولازم هذا بقاء العلم الإجمالي على حجيته، لأنَّ هذا العلم الإجمالي لم يقترن بالاطلاع على الأمارات وإنما الاطلاع عليها حصل بعد ذلك، فالعلم الإجمالي باقٍ على حاله.
وقلنا: - قد يقال: إنَّ هذا الاطلاع على الأمارات ولو بعد فترة هو يسقط العلم الإجمالي عن حجيته، وبالتالي يجري أصل البراءة في بقية الأطراف التي لم تقم فيها الامارة لنفي الحرمة فيها.
ولكن قلنا:- ونحن نقول: إنَّ أصل البراءة في مورد وصول الأمارة وإن سقط عن الحجية - فإنَّ الأصل لا يقف أمام الأمارة بل مادامت الأمارة موجودة فهو يسقط عن الحجية - إلا أنَّ أصل البراءة يسقط عن الحجية من حين وصول الأمارة، أما ما قبل وصول الأمارة هو يكون جارياً، ومادام يكون جارياً فحينئذٍ المعارضة سوف تبقى متحققة، يعني أصل البراءة الجاري قبل وصول الأمارة في هذا المورد يتعارض مع أصل البراءة في الموارد الأخرى التي لا يوجد فيها أمارة، وحينئذٍ يتعارض أصل البراءة الجاري قبل وصول الأمارة مع أصل البراءة في الموارد الأخرى التي لا يوجد فهيا أمارة، ونتيجة هذا هو عدم امكان الرجوع إلى أصل البراءة في الشبهات التي لم تصل فيها أمارة لمعارضة أصل البراءة هذا مع أصل أصل البراءة في الأطراف الأخرى التي فيها أمارة ولكن يتعارض مع أصل البراءة الجاري فيها قبل ورود تلك الأمارة.
والخلاصة: - إنَّ أصل البراءة في الموارد التي لا يوجد فيها أمارة يكون معارضاً بأصل البراءة في الأطراف الأخرى التي فيها أمارة لكنه يتعارض مع أصل البراءة الجاري قبل وصول الأمارة وبالتالي لا يمكن التمسك بأصل البراءة.