47/04/05
-أدلة الاخباريين على وجوب الاحتياط والرد عليها - أصالة الاحتياط - الأصول العملية.
الموضوع: - أدلة الاخباريين على وجوب الاحتياط والرد عليها - أصالة الاحتياط - الأصول العملية.
ونلفت النظر إلى نكتة:- وهي أنه على الجواب السادس عرفنا أنَّ أصل البراءة يجري في بعض الأطراف لفرض قيام الأمارة في البعض الآخر، فيجري الأصل في البعض الأخر الذي ليس فيه أمارة من دون معارضة، بينما على الوجه الخامس لا يجري أصل البراءة في بقية الأطراف التي لم تقم فيها الأمارة، فصحيح أنَّ الأمارات موجودة في نصف أو ربع العلم الإجمالي مثلاً ولكن مع ذلك لا يجري أصل البراءة في النصف أو الثلاثة أرباع الباقية التي لم تقم فيه الأمارة وذلك لأنَّ الشيخ العراقي يبني على مسلك العلّية، يعني أنَّ العلم الإجمالي يمنع من جريان الأصل حتى في بعض الأطراف، فهو يمنع من الترخيص حتى في بعض الأطراف فإنَّ هذا من لوازم مسلك العلّية الذي يبني الشيخ العراقي، فحينئذٍ حتى إذا كانت توجد أمارات في بعض الأطراف لكن الأطراف الأخرى لا يجري فيها أصل البراءة لأنه يبني على مسلك العلّية، بخلاف المشهور الذي يبني على مسلك الاقتضاء فإنه لا يمنع من جريان أصل البراءة في الأطراف الأخرى.
اشكال على الجوابين الخامس والسادس وهو أن يقال: - صحيحٌ أنه يحصل التنجيز في أطراف العلم الإجمالي بقيام الأمارة ولكن متى يحصل التنجيز فهل بوجودها الواقعي أو بوصولها إلى الفقيه؟ إنها تكون منجّزة بوصولها وليس بوجودها الواقعي، وحينئذٍ يقال: صحيحٌ أنه يوجد لدينا علم اجمالي بوجود مجموعة محرمات كمائة محرم مثلاً في ضمن مجموع الوقائع التي هي ألف مثلاً، وصحيحٌ أنه يوجد لدينا أمارات بمقدار المعلوم بالاجمال إلا أنَّ هذا العلم الإجمالي بهذه الأمارات ليس مقارناً مع العلم الإجمالي بوجود مجموعة المحرمات في الشريعة، بل الفقيه عادةً في البداية عنده علم اجمالي بوجود مائة محرم مثلاً وإن كان الآن لا يشخصها بالتفصيل - ولا يحتمل أن تكون الشريعة من دون محرمات - لكنه يحصل على هذه الأمارات بعد ذلك بالتدريج أي حينما يجتهد ومن خلال اجتهاده يصل إلى هذه المحرّمات.
فإذاً الاطلاع على هذه المحرّمات من خلال الدليل الاجتهادي متأخر بحسب الفترة الزمنية عن ذلك العلم بوجود محرماتٍ في الشريعة الإسلامية، فإذاً العلم الإجمالي قد تحقق بوجود محرّمات في زمانٍ لم يعثر فيه المجتهد على تلك المحرّمات بالتفصيل، فعلمه الإجمالي موجودٌ في زمانٍ متقدّم، فمثلاً في بداية دخوله الحوزة العلمية حينما يقول يوجد مائة محرّم في الشريعة هو لا يعرفها بالتفصيل حينذاك، ولكن بعد أن يدرس في الحوزة العلمية فترة معينة ويصير مجتهداً فاجتهاده يوصله إلى هذه المائة المحرمة، وحينئذٍ مادام العلم الإجمالي بوجود المحرمات كان ثابتاً متقدّماً فيكون منجّزاً وإنما ينحل ويرتفع فيما لو كان مقارناً مع العلم التفصيلي بالمحرمات، والمفروض هنا أنَّ العلم التفصيلي ليس ثابتاً عنده حين حصل العلم الإجمالي بوجود مائة محرم وإنما يحصل بعد فترة زمنية - أي حينما يجتهد - وعليه فذلك العلم الإجمالي بوجود مائة محرم يبقى على حاله، أي يبقى على التنجيز.