47/03/23
-قول الاخباريين بلزوم الاحتياط حتى في الشبهة البدوية وأدلتهم على ذلك والرد عليها- البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع: - قول الاخباريين بلزوم الاحتياط حتى في الشبهة البدوية وأدلتهم على ذلك والرد عليها - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الجواب الثاني: - أن يقال إذا لاحظنا مجموع الاجتماعات والضرورات واخبار الآحاد المقترنة بالقرائن فلا يبعد أن يحصل لدينا مقدار المعلوم بالإجمال بسبب هذا المجموع، وبذلك ينحل العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي في هذه الموارد وشك بدوي في الزائد.
ويرده: - إنَّ دعوى حصول أحكامٍ بنحو العلم التفصيلي بمقدار المعلوم بالإجمال يصعب قبولها وإلا يلزم انفتاح باب العلم بالأحكام وهذا لا يمكن الالتزام به وأن الاحكام في زماننا يحصل العلم، نعم قد يحصل العلم في بعضها أما أن يكون العلم بها بشكلٍ مفتوح فلا، نعم يمكن تحصيل العلم التفصيلي بمقدار المعلوم بالإجمال ولكن هل ينحل هذا العلم الإجمالي بهذا العلم التفصيلي أو لا؟ إنَّ هذه نقطة وقعت محلاً للكلام بين الأعلام.
ولتوضيح الحال نقول: - إذا فرض أن مكلفاً كان أمامه اناءان وعلم اجمالاً بنجاسة أحدهما ثم علم بعد ذلك تفصيلاً أن الاناء الذي يقع على اليمين هو المعلوم بالإجمال، فهنا لا اشكال في انحلال العلم الإجمالي بهذا العلم التفصيلي فيزول العلم الإجمالي ويبقى شك بدوي في بقية الأطراف، ولكن كلامنا هو فما إذا حصل علم تفصيلي لا بأنَّ الإناء النجس المعلوم بالإجمال هو هذا الطرف بل علمت بأنَّ هذا الطرف نجس لا أنَّ هذا الاناء هو المعلوم بالإجمال، فهنا هل ينحل العلم الإجمالي أو لا؟ إنَّ هذا محل كلام وخلاف بين الاعلام، ومحل كلامنا في باب الأحكام هو من هذا القبيل، يعني نحن عندنا علم اجمالي بثبوت أحكامٍ بمقدار ألف حكم ثملاً ثم حصلنا على مائة أو ألف حكمٍ وعلمنا بها تفصيلاً، ولكن مع ذلك لا نستطيع أن نقول إنَّ هذه المائة أو هذه الألف هي جزماً نفس ذلك المعلوم بالإجمال، نعم نحن علمنا بأنَّ هذه الاحكام ثابتة أما أنها هي نفس المعلوم بالإجمال فلا، وفي مثل هذه الحالة يكون حصول الانحلال للعلم الاجمالي أول الكلام.
وقد اختار الشيخ العراقي عدم الانحلال[1] : - واستدل على ذلك بأنه في مقامنا لو علمنا اجمالاً بنجاسة أحد اناءين ثم علمنا تفصيلاً بنجاسة هذا الطرف من دون أن نعلم كونه نفس ذلك المعلوم بالإجمال فحالة التردد هنا لا تزول والعلم الإجمالي يكون باقياً على حاله، وبناء على هذا سوف نخرج بنتيجة وهي أنَّ الفقيه في زمان الغيبة يعلم بثبوت مائة حكم في الشريعة جزماً وبالفحص حصل على مائة حكم ولكن هنا لا يمكن أن يحكم بانحلال ذلك العلم الإجمالي، لأنَّ هذه المائة حكم ليس له علم بأنها هي نفس تلك المائة المعلومة بالإجمال.
والصحيح هو الانحلال:- ولكن ليس أجل ما افاده - من أنَّ لازم بقاء العلم الإجمالي هو اجتماع العلم الإجمالي والعلم التفصيلي وبالتالي يلزم تعلّق العلمين بشيءٍ واحد مع ما بينهن من التضاد - فإنَّ هذا يمكن دفعه، فإنَّ العلم يتعلق بالصور الذهنية، والعلم الإجمالي يتعلق بصورةٍ ذهنيةٍ للجامع، بينما العلم التفصيلي يتعلق بصورة ذهنية لطرفٍ معين، وهذان العلمان وإن كانا متحدين خارجاً وليسا اثنين ولكنهما في عالم الذهن مختلفان، فآنذاك يحصل عدنا علم اجمالي بالجامع وعلم تفصيلي بالفرد، وعليه فليس وجه انحلال العلم الإجمالي هو حصول مقدار المعلوم بالتفصيل فيلزم الانحلال، وإنما الوجه في الانحلال هو الوجدان، فإنا نشعر بالوجدان أنَّ العلم الإجمالي بثبوت مجموع تحريمات في مجموع وقائع إذا لوحظ مع العلم التفصيلي بحرمة أفرادٍ خاصة معيَّنة بعدد المعلوم بالإجمال فحينئذٍ لا يعود لدى المكلف علم اجمالي بل يكون لديه علم تفصيلي بحرمة تلك الأشياء التي يعلم بها وشك بدوي في ثوبت الحرمة في الزائد، فالقضية وجدانية والانحلال انحلال وجداني وأنه بالتالي يوجد علم تفصيلي بالعشرة مثلاً وأما في الباقي فليس له علم بها بل يوجد فيها شك بدوي فينحل العلم الإجمالي.