46/11/27
-الاشكال التاسع على تقريباتاثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع: - الاشكال التاسع على تقريبات اثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الجواب الثاني: - هنا بعض الموارد لا يجري فيها الاستصحاب - أو قد لا يجري فيها الاستصحاب - فينحصر الأمر بالبراءة، وبالتالي سوف لا يكون تشريع البراءة لغواً، لعدم امكان جريان الاستصحاب.
وفي التعليق على ما ذكره نقول: -
أولاً: - إنَّ دليل البراءة لا يثبت البراءة من باب الاستصحاب - يعني من باب أنها متيقنة سابقاً ومشكوكة لاحقاً - كما أفاده هو في جوابه الأول، بل هو يثبتها من باب أنَّ نفس الحكم مشكوك وغير معلوم لا أنَّ الحالة السابقة متيقنة - وهي عدم التكليف - وتستصحب البراءة، فإنَّ بعض روايات البراءة يفهم منها أنَّ عدم التكليف هو بنفسه رافع للتكليف ومثبت للبراءة لا من باب استصحاب الحالة السابقة من زمان الصغر بل يستفاد منه البراءة بقطع النظر عن الاستصحاب، مثل ( رفع عن امتي ما لا يعلمون ) وغيره حيث يستفاد البراءة بقطع النظر عن كون الحالة السابقة متيقنة - وهي عدم التكليف - بل نفس الشك وعدم العلم يوجب رفع التكليف، كما يمكن أن يستفاد ذلك من الآيات الكريمة الدالة على البراءة، فإنَّ نفي الجهل يرفع التكليف لا أنه يوجَد يقينٌ سابق وشكٌ لاحق حتى يجري الاستصحاب.
ثانياً: - إنه ذكر في الجواب الثاني أنه توجد موارد لا يمكن أن يجري فيها الاستصحاب فتجري البراءة حينئذٍ وذكر موردين، ولكن نقول: -
أما المورد الأول: - فهو مورد الأقل الأكثر والاكثر الارتباطيين، كما إذا شككنا في أنَّ أجزاء الصلاة تسعة - أي من دون السورة - أو هي عشرة بحيث تكون السورة جزءاً، ففي مثل هذه الحالة لا يكون الاستصحاب قابل للجريان ولكن مع ذلك تجري البراءة وهذا يدل على أنَّ البراءة حينما تجري هي تجري لا لأجل استصحاب الحالة السابقة وإنما هي أجنبية عن الاستصحاب بل هي بنفسها وبشخصها أصلٌ بقطع النظر عن الاستصحاب، وكيف لا يجري الاستصحاب في المقام؟ ذلك لأنه إذا أردنا أن نلاحظ الاستصحاب فسوف توجد معارضة في مقام جريانه؛ إذ استصحاب عدم تقيّد الواجب بالسورة الذي نتيجته أنَّ السورة ليست جزءاً هو معارضٌ باستصحاب عدم إطلاق الواجب - أي الصلاة - فالصلاة ليست مطلقة من حيث السورة، فنحن نشك هل هي مقيدة بالسورة أو هي مطلقة واستصحاب عدم تقيدها بالسورة لازمه الاطلاق والحال أنه يوجد أصلٌ آخر ينفي الاطلاق وهو استصحاب عدم إطلاق الواجب - وهو الصلاة - وعليه فتكون الأصول متعارضة ولا يمكن أن تثبت لنا كون السورة جزء كما لا يمكن أن تثبت لنا أنها ليست جزءاً لأجل هذه المعارضة، وبالمعارضة يسقط الاطلاقات فتصل النوبة إلى أصالة البراءة من تقيّد الصلاة بالسورة فنجري البراءة عن جزئيتها.