« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/11/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 -الاشكال الرابع والخامس على تقريباتاثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع: - الاشكال الرابع والخامس على تقريبات اثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

 

الاشكال الرابع: - وهو للشيخ النائيني(قده)، وحاصله: إنَّ المنجّزية والمعذرية للحكم تترتبان على الفعلية، فالحكم إذا بلغ دجة الفعلية فهو الذي ينجّز ويتنجّز، ومن المعلوم أنَّ استصحاب عدم الجعل الثابت قبل الشريعة لا يترتب عليه نفي المجعول - يعني نفي الحكم الفعلي - إلا بالأصل المثبت، فإنك من وراء الاستصحاب تريد نفي الفعلية - أي عدم الجعل - فتستصحب عدم الجعل لاثبات نفي المجعول - أي نفي الفعلية والمنجّزية -وهذا مصداقٌ للأصل المثبت وهو لا يجوز.

وجوابه واضح حيث نقول:- حينما نريد نفي المنجزية فنحن نريد أن ننفي المنجّزية والمعذّرية فقط وبهذا المقدار ولا نحتاج إلى أكثر من ذلك، ويكفينا لنفي المجّزية أو المعذّرية أن تستصحب عدم الجعل، فنستصحب عدم الجعل الثابت قبل التشريع إلى زمان التشريع، فإذا لم يكن الجعل ثابتاً إلى الآن فحينئذٍ الفعلية سوف تنتفي جزماً لأنَّ الجعل ليس بموجود، وعلى هذا الأساس سوف ينتفي الحكم الفعلي وحينئذٍ لا توجد مشكلة في البين مادام ذلك الحكم الذي هو ليس بثابت قبل زمان التشريع وشككنا هل بلغ مرحلة الفعلية في زمان ما بعد البلوغ أو لا فنستصحب عدم الجعل إلى زمان ما بعد البلوغ، وبالتالي يثبت عدم الجعل وتنتفي بذلك الفعلية كما هو واضح.

الاشكال الخامس:- وهو للشيخ النائيني(قده) أيضاً، وحاصله: إنَّ استصحاب عدم التكليف حالة الصغر لا يجري من باب أننا نسلّم أنَّ حالة الصغر لا تكليف فيها ولكن عدم التكليف هو من باب عدم قابلية المحل للتكليف، فالإنسان قبل التكليف كان طفلاً رضيعاً فنستصحب عدم التكليف من ذلك الزمان، وعليه فذلك الحكم كان منتفياً من باب عدم قابلية المحل، بينما نحن نريد أن نثبت أنَّ الحكم ليس بموجود في حق الشخص البالغ الذي هو متّصف بقابلية المحل، وحينئذٍ لا يمكن أن نستصحب ذلك الحكم السابق الذي كان ثابتاً لمن لا قابلية له إلى المحل الذي له قابلية الآن لأنَّ المحل قد اختلف، وعليه فلا يجري الاستصحاب من باب اختلاف الموضوع.

والجواب: - يمكن أن نفترض أنَّ المحل له قابلية بأنَّ كان عمره خمسة عشر سنة إلا يوماً أو نصف يوم لا أنه كان طفلاً رضيعاً فإنَّ غير البالغ لا ينحصر بكونه رضيعاً حتى تقول إنه لا قابلية له، فإذا كان كذلك فالقابلية موجودة ومع ذلك لا تكليف في حقه رغم قابلية المحل فنستصحب عدم الحكم الثابت في ذلك الزمان إلى زمان ما بعد البلوغ، فقبل البلوغ لم يكن الحكم ثابتاً في حقه وبعد أن بلغ نشك في ذلك فنستصحب عدم ثبوت الحكم له أيضاً.

هذا مضافاً إلى أنَّ العدم هو واحدٌ ولا يتعدد، فعدم التكليف بالتدخين مثلاً هو واحدٌ غاية الأمر مرةً يكون مقارناً للمحل غير القابل ومرَّة يكون مقارناً للمحل القابل، فقبل البلوغ حينما كان طفالاً صغيراً المحل لم يكن قابلاً وكان عدم التدخين ثابتاً، وبعد أن بلغ وصار المحل قابلاً نشك في ثبوت الحكم في حقه فنستصحب العدم السابق، واختلاف المقارنات لا يوجب اختلاف المستصحب، بل المستصحب واحدٌ وهو عدم التكليف ولكن مرَّة كان مقارناً لكونه طفلاً صغيراً وأخرى كان مقارناً لكونه شخصاً بالغاً واختلاف المقارنات لا يعني أنَّ ذلك العدم متغير وإنما هو واحد، فنحن نستصحب ذلك العدم الواحد الذي كان ثابتاً للطفل الصغير إلى زمان البلوغ واختلاف المحل لا يوجب اختلاف المستصحب.

logo