« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الوجه الثالث: - ما افاده السيد الروحاني(قده) في المنتقى[1] وحاصله: إنَّ حديث الرفع يرفع الحكم الثابت في حق المكلف الخاص، فمثلاً أنت مضطر فيرفع عنك الاضطرار، أو أنت مكره فيرفع عنك الاكراه، فهو يرفع الحكم الثابت للمكلف الخاص ولا يرفع الحكم الثابت لجميع المكلفين كما هو الحال غير النجاسة، فإنَّ النجاسة إذا كانت ثابتة لشيءٍ فهي ثباتة في حق جميع المكلفين، وحديث الرفع لا يشمل الحكم الثابت في حق جميع المكلفين.

والجواب عنه واضح: - فإنَّ ما أفاده مجرد دعوى، بل لسان حديث الرفع عام سواء كان الذي لا يعلم مكلف واحد أو اثنين أو جميع المكلفين فإنه سوف يرتفع الحكم في حقهم وتخصيصه بما إذا كان غير معلوم لبغضٍ لا أنه غير معلوم للجميع شيء لا ظهور للحديث فيه ولا يوجد ما يدل عليه.

والنتيجة من كل ما ذكرنا: - إنه لا مانع في التمسك بحديث الرفع لرفع النجاسة المشكوك ثبوتها ولكن فيما إذا كانت مانعاً، فإذا شككنا في مانعية النجاسة فنرفع ذلك بحديث الرفع، وأما إذا كانت الطهارة شرطاً وشككنا في ذلك فهذا لا يرتفع بحديث الرفع فإنَّ الحديث يرفع مانعية النجاسة فقط.

كما أنَّ الارتفاع ظاهري، فإذ طبقنا الحديث ورفعنا النجاسة ولكن بعد ذلك حصل العلم بالنجاسة فحينئذٍ سوف يسقط التمسك بالحديث، فإنه عند ارتفاع الجهل بالنجاسة وتبدله إلى العلم فبعلمنا بثبوت النجاسة سوف نثبت آثار النجاسة من البداية لا من حين علمنا، فتترتب آثار النجاسة من البداية وليس من حين العلم بثبوتها واقعاً، لأنَّ ثبوت النجاسة حينئذٍ هو ثبوتٌ واقعي فتثبت جميع الآثار من حين ثبوتها الواقعي، وهذه قضية واضحة.

 

عودة إلى صلب الموضوع: -

ذكرنا في النقطة السادسة أننا نطرح أربعة أسئلة، وقد فرغنا من جواب ثلاثة منها.

وأما جواب السؤال الرابع[2] فنقول: - ينبغي التفصيل بين الاكراه وبين الاضطرار، فالمكلف إذا أُكِره على البيع أو على الاجارة أو على معاملةٍ أخرى فسوف يحكم ببطلان هذه المعاملة، أو بتعبيرٍ آخر تتوقف صحتها على اجازته، وأما إذا اضطر إلى البيع كما لو احتاج إلى بيع داره فهنا لا يمكن تطبيق حديث رفع الاضطرار، لأنه إذا طبقنا فقرة رفع الاضطرار وحكمنا ببطلان البيع فهذا يعني أنَّ مشكلة هذا الشخص سوف تبقى على حالها ولا تنحل بل يبقى يعيش حالة الاطرار، وعلى هذا الأساس لابد وأن نقول إنَّ بيع الدار يقع صحيحاً كي يرتفع اضطراره وإلا يلزم خلاف المنَّة.

وهنا سؤال: - وهو أنه لو فرض أن شخصا أكره على بيع داره فقلنا إنَّ البيع يصير كالعدم، ولكن إذا أكره على عدم بيع داره فهل يمكن أن نقول إنَّ هذا مادام قد أكره على عدم البيع فهذا كون باطلاً وبالتالي نحكم بترتّب أثر البيع بدعوى أنَّ الاكراه على إيقاع البيع إذا كان يجعله كالعدم فالإكراه على عدم البيع يجعله كوجود البيع وبمثابة تحقق البيع، ولكن في الجواب يقال: - إن هذا غير ممكن لأنَّ حديث الرفع هو حديث رفع لا حديث وضع واثبات، فإنَّ لسانه يقول ( رفع عن أمتي ) لا أنه يثبت، وحينئذٍ إذا أكره الشخص على عدم بيع داره فحينئذٍ لا يمكن الحكم بتحقق بيع الدار ويكون بمثابة تحقق البيع لأنَّ الحديث هو حديث رفعٍ لا حديث وضع.


[2] وهو أنه هل حديث الرفع يشمل الاحكام الوضعية مثل البيع ونحو، فهل يرفع المعاملات أولا؟.
logo