46/10/21
-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
ولتوضيح الحال نطرح ثلاثة اسئلة:-
السؤال الأول:- لماذا قلنا إنه عند الشك في الجزئية - يعني أتيت بالسورة بعد الفاتحة أو لم أئت بها - لزم الاحتياط مادام لم يدخل المصلي في الركوع وأما إذا كان الشك في المانعية - وهو أنَّ هذه العبائة من اجزاء ما لا يؤكل لحمه أو أو لا - جرت البراءة عن المانعية، فلماذا اجرينا الاحتياط والاتيان بالسورة عند الشك في الجزئئية أما بالنسبة إلى اللباس بنينا على البراءة وعدم المانعية، فما هي النكتة في هذا التفريق؟
الجواب:- إنَّ الملطوب بالنسبة إلى السورة هو صِرف الوجود، فإنَّ المطلوب منا هو قراءة سورة بعد الفاتحة، فإذا شككنا هل تحققت السورة أو لم تتحقق ففي مثل هذه الحالة يوجد عندنا دليلان يقتضيان الاحتياط بالاتيان بالسورة:-
الأول:- قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فإنَّ ذمتنا قد اشتغلت جزماً بالسورة والفاتحة معاً والفاتحة قد فرغت منها الذمة جزماً إذ أتينا بها جزماً، وأما السورة فنحن نشك في الاتيان بها ومقتضى قاعدة الاشتغال اليقني يستدعي الفراغ اليقيني هو لزوم الاتيان بها.
الثاني:- الاستصحاب؛ إذ في بداية الصلاة أنا لم أئت بالسورة وبعد ذلك أشك هل أتيت بها أو لا فيلزم تحصيل الجزم بالبراءة منها وذلك بالاتيان بها بمقتضى الاستصحاب.
وأما إذا كان الشك في المانعية، كما لو لم أعلم بأنَّ هذه العبادءة من اجزاء ما لا يؤكل لحمه أو لا فإن كانت منه كانت مانعاً وإلا فلا، ففي مثل هذه الحالة نقول بالبراءة ونحكم بجواز الصلاة فيها، والوجه في ذلك هو أنَّ المانعية انحلالية بعدد الافراد، يعني إذا كانت هذه العباءة من اجزاء ما لا يؤكل لحمه فالصلاة مقيدة بعدم لبسها، وإذا كان هذا الثوب الثاني من اجزاء ما لا يؤكل لحمه فالصلاة مقيدة بعدم لبسه ... وهكذا إذا كانت هناك ثياب أخرى، فهناك تقيدات متعددة بعدد هذه الافرادـ، وفي مثل هذه الحالة إذا شككت في أنَّ الحزام من اجزاء ما لا يؤكل لحمه أو من اجزاء ما يؤكل فإذا كان من أجزاء ما لا يؤكل فجزماً توجد تقيدات بعدم لبسه أما هذا الحزام المشكوك هل يجوز لبسه في الصلاة أو لا فهنا الشك هو شك في تقيّدٍ جديدٍ للصلاة فأنا لا أدري بأنَّ الصلاة مقيدة بعدم لبسه أو لا فإنه إذا كان مما لا يؤكل لحمه فالصلاة مقيدة بعدم لبسه وأما إذا كان مما يؤكل لحمه فالصلاة ليست مقيدة بعدم لبسه، فالشك هو شكٌ في تقييد جديدٍ للصلاة فيكون ذلك التقييد الجديد هو مجرى للبراءة.
السؤال الثاني:- لماذا صارت المانعية انحلالية بعدد الافراد الذي لازمه اجراء البراءة عن الفرد المشكوك - عن تقيد الصلاة بعدم لبس الفرد الشكوك -؟
وفي الجواب نقول:- إنَّ المانع ليس هو عنوان ما لا يؤكل لحمه حتى يقال هو واحد، وإنما المانع هو واقع ما لا يؤكل لحمه، وواقع ما لا يؤكل لحمه يتعدد بعدد الافراد، فإذا كانت الافراد عشرة فسوف توجد عشر تقييدات، وإذا ازداد واحد صارت أحد عشر تقييداً، فإذا كان عندنا ما نشك بأنه مما لا يؤكل لحمه أو مما يؤكل لحمه فهذا يعني وجود شك في تقيّدٍ جديد، وهذا شك لا أنه جزم، أما الجزيمات فهي الالبسة التي يجرم بكونها مما لا يؤكل لحمه وهي التي يوجد تقيد بعددها وأما هذا الفرد المشكوك فهو شك في تقيّد جديد وهو مجرى للبراءة.