46/08/17
-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
وقد يقال وفاقاً للسيد الروحاني(قده): - إنَّ الرفع في الحديث هو رفع واقعي وليس ظاهرياً، وذلك لوجهن: -
الوجه الأول: - السياق، بمعنى أنَّ الرفع في بقية فقرات الحديث هو رفع واقعي وحقيقي والخلاف فقط هو في فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) فيقال إنَّ المقصود من الرفع في هذه الفقرة هو الرفع الحقيقي أيضاً كبقية الفقرات وذلك لوحدة السياق.
الوجه الثاني: - أن يقال إنَّ ظاهر الرفع في جميع الفقرات - حتى في فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) - هو الرفع الحقيقي وإرادة الرفع الظاهري تحتاج إلى قرينة، فحينما يقال رفع عنك كذا فهذا الرفع هو رفع حقيقي والرفع الظاهري يحتاج إلى قرينة وأمرٍ زائد.
وفي الجواب عن ذلك نقول: -
أما بالنسبة إلى قرينة السياق فيمكن أن يقال:- إنَّ الرفع في جميع الفقرات هو بمعنىً واحد وهو الرفع الحقيقي، فالرفع عن المضطر وفيما لا يعلمون وباقي الموارد هو واحد وحقيقي ولكن الاختلاف في المصداق وكلٌّ بحسبه، فمثلاً فيما استكرهوا عليه الاكراه هو اكراهٌ على الحرام فهنا يكون الرفع بلحاظه رفعاً حقيقياً هو رفع الحرمة عن المكره، وأما في فقرة ( ما لا يعلمون ) فإنَّ الرفع فيها يعني أنَّ تلك الحرمة التي لا تعلم بها أيها الكلف هي مرفوعة عنك أيضاً ولكنها رفعت بمعنى أنه رفع وجوب الاحتياط فلا يلزمك الاحتياط لأجل تلك الحرمة الواقعية المحتملة، وعليه نتمكن أن نقول قد صار الرفع حقيقياً في جميع فقرات الحديث الشريف حتى في فقرة ( ما لا يعلمون )، فرفع عنكم ما لا تعلمون حقيقةً بمعنى أنَّ الاحتياط ليس بلازم عليك أيها المكلف غير العالم، وهذا نحوٌ من الرفع الحقيقي بهذا المعنى. وعليه يكون السياق واحداً والرفع في الجميع واحداً أيضاً.
على أنه يمكن أن يقال: - لا محذور في التفكيك في السياق الواحد إذا اقتضى الدليل ذلك، وحينئذٍ نقول إنَّ الرفع بلحاظ ما اضطروا إليه رفعاً حقيقياً، وأما الرفع بلحاظ ( ما لا يعلمون ) فليس حقيقياً لقيام الدليل على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل.
ثم إنَّ هناك شيئاً يجدر الالتفات إليه: - وهو أنَّه إذا كان المقصود من الرفع في الحديث الشريف هو الرفع الحقيقي فحينئذٍ لا يمكن التمسك به في أغلب الاحكام إلا في أربعة موارد وهي الجهر والإخفات والقصر والاتمام، وإلا فعدم العلم والجهل لا يوجب ارتفاع الحكم حقيقةً إلا في هذه الموارد الأربعة، والوجه في ذلك هو أنَّ الاحكام واقعياً ليست مختصة بالعالم إلا في هذه الموارد الأربعة.
فإذاً الثمرة تظهر فيما إذا كان الرفع واقعياً فحينئذٍ يلزم عدم امكان التمسك بالحديث الشريف وينحصر التمسك به في خصوص هذه الموارد الأربعة، هذه ثمرة بين كون الرفع حقيقياً وبين كونه ليس بحقيقي، فإن كان حقيقياً فحينئذٍ ينحصر تطبيق الحديث في هذه الموارد الأربعة ويلزم من ذلك التخصيص الكثير، فعلى رأي السيد الروحاني يلزم انحصار تطبيق الحديث على هذه الأربعة فقط، بينما على رأي المشهور الذين لا يلتزمون بالرفع الحقيقي سوف يكون الحديث شاملاً لجميع الموارد.
ومن هنا نلفت النظر إلى شيء:- وهو أنه إذا شك في اعتبار شيءٍ في الصلاة كما لو شككنا في اعتبار عدم رفع الوجه إلى السماء في أثناء الصلاة أو لزوم أن يكون متوجهاً إلى القبلة واجرينا حديث الرفع لاثبات عدم الشرطية ثم اتضح بعد ذلك ثبوت شرطية ذلك فبناءً على حديث الرفع - وبغض النظر عن حديث ( لا تعاد الصلاة إلا من خمس ) - وكون الرفع فيه ظاهرياً لا واقعياً يلزم بطلان الصلاة، لأنَّ المكلف لم يأت بالجزء أو الشرط المشكوك، بخلاف ما إذا كان الرفع واقعياً فإنَّ الصلاة حينئذٍ تكون صحيحة، لأنَّ هذا الشرط أو الجزء شرطيته أو جزئيته مرفوعة بحديث الرفع لأنَّ المكلف لا يعلم بها، وأما مع النظر إلى حديث:- ( لا تعاد الصلاة إلا من خمس ) فالمشكلة ستكون أخف.