« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

 

ونحن نقول: - يمكن اثبات اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل، وبالتالي يصير هذا رداً على السيد الروحاني(قده)، وذلك بعدة أمور: -

الأمر الأول: - إنه بناءً على عدم اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل وأنَّ الرفع واقعي يلزم منه عدم لزوم تعلم الاحكام الشرعية؛ إذ الاحكام آنذاك تكون مرفوعة عنهما وهذا لا يمكن الالتزام به، فإنَّ توجد اخبار كثيرة دالة على وجوب تعلم الاحكام، فمثلاً ورد أنه: - (يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له هلّا عملت؟ فيقول: - لم أعلم، فيقال له: - هلّا تعلمت؟)، وأما بناءً على هذا الرأي يكون تعلم الاحكام الشرعية ليس بلازم هذا لا يمكن الالتزام به.

الامر الثاني: - يلزم من ذلك أن يكون العلم موجِداً لمعلومه، يعني أنَّ الحكم قبل العلم به هو غير موجود ولكن بعد العلم به فهذا العلم هو الذي يوجده لا أنَّ العلم يكشف عنه وهذا مستحيل، فإنَّ العلم لا يتعلق بالمعدوم ولا يوجد المعدوم ولا يوجد الشيء، فعلمي بوجود الأسد لا يوجد الأسد بل لابد وأن يكون الأسد موجوداً أولاً ثم يتعلق علمي به، أما على الرأي الذي يقول لا يوجد حكمٌ في حق الجاهل لازمه أن يكون العلم مُوجِداً لمعلومه وهو مستحيل.

الأمر الثالث: - يلزم من ذلك عدم امكان الاحتياط في حق الجاهل، لأنَّ الاحتياط جاء من احتمال وجود الحكم في الواقع في حقنا، ولأجل أننا نحتمل وجوده ونريد أن نمتثله نقول يلزم الاحتياط، أما إذا كان لا توجد احكام مشتركة بين العالم والجاهل فالاحتياط هنا لا معنى له.

الأمر الرابع: - إنه بناء على هذا القول لا يمكن تشريع حجية الامارة، ويلزم عدم امكان حجية الأمارة، لأنَّ الامارة تكون أمارة على الواقع المجهول، فإذا قلنا لا يوجد حكم في حق الجاهل بحسب الواقع فالأمارة تكون أمارة على أي شيء فإنه لا يوجد حكم؟!! وبالتالي يكون تشريعها باطلاً.

الأمر الخامس: - ورد في فقرات حديث الرفع فقرة ( رفع وما لا يعلمون ) فالذي لا تعلم به أيها المكلف فقد رفع عنك، ولكن بناء على ما ذكر يلزم أن يكون هذا التعبير باطلاً لأنَّ الحكم ليس بموجود، لأني إذا لم أعلم بالحكم فهو ليس بموجود ولا معنى لرفعه حينئذٍ فإنَّ الرفع فرع الوجود، وعليه يصير التعبير برفع ما لا يعلمون باطلاً وفي غير محله.

ولكن نقول بما أنَّ فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) قد جاءت في الحديث الشريف فنفس هذه الفقرة هي دليل واضح على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل.

إن قلت: - يمكن الجواب عن هذا الأمر الرابع - أو غيره من المحاذير المتقدمة – بأن يقال إنَّ المقصود من الرفع هنا هو رفع الحكم الانشائي لا رفع الحكم الفعلي، فرفع ما لا يعلمون يعني رفع الحكم الانشائي، والمشترك بين العالم والجاهل هو الحكم الانشائي وأما الذي يجب تعلّمه فهو الحكم الانشائي وبالتعلم يصير فعلياً.

والجواب عن ذلك واضح حيث يقال: - إنَّ الحكم الانشائي ليس حكماً حقيقةً حتى يجب تعلمه، بل الحكم الذي يجب تعلّمه هو الحكم إذا بلغ درجة الفعلية وأما إذا لم يبلغ درجة الفعلية وكان حكماً انشائياً فلا يجب تعلمه.

فإذاً عرفنا أنه تلزم من هذه الفكرة عدَّة محاذير كما ذكرنا، ولعله بالتأمل نصل إلى لوازم ومحاذير أخرى.

logo