46/07/11
-الأمر السابع ( تقسيم الشيخ الاعظم والشيخ الخراساني ) - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- الأمر السابع ( تقسيم الشيخ الاعظم والشيخ الخراساني ) - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الأمر السابع: - تقسيم الشيخ الأعظم والشيخ الخراساني(قده).
المقصود من ذلك هو أنَّ الشك في التكليف الذي هو مورد البراءة تارةً يكون في شبهة وجوبية وأخرى يكون في شبهةٍ تحريمية، وعلى كلا التقديرين منشأ الشك إما أن يكون ناشئاً هو فقدان النص أو من اجماله أو من تعارض النصين أو من اشتباه الأمور الخارجية، وعلى هذا تكون الأقسام لكل من الشبهتين الحكمية والموضوعية أربعة، فيصير المجموع ثمانية أقسام، وقد عقد الشيخ الأعظم(قده) في رسائله ثمانية مسائل لذلك أربعة منها في الشبهة الوجوبية وأربعة في الشبهة التحريمية، أما المسائل الأربعة في الشبهة الوجوبية فذكر ثلاث شبهات حكمية ورابعة موضوعية، كما فعل نفس الشيء في الشبهة التحريمية، أما الشبهة الوجوبية فقد ذكر الأولى الشك بنحو الشبهة الحكمية لفقدان النص، والثانية الشبهة الحكمية من جهة اجمال النص، والثالثة الشبهة الحكمية من جهة تعارض النصين، والرابعة الشبهة الحكمية من جهة اشتباه الأمور الخارجية - أي الناشئة من شبهة موضوعية -، وأما الشبهة التحريمية فقد ذكر فيها أيضاً ثلاث شبهات حكمية ورابعة موضوعية.
ولكن الشيخ الخراساني(قده) لم يعقد ثمان مسائل كما فعل الشيخ الانصاري(قده) وإنما عقد مسألةً واحدةً وقال إنَّ الجميع هو مسألة واحدة سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية، فإذا شك في الحكم، فسواء كان الشك ناشئاً من فقدان النص أو اجماله أو لتعارض النصين أو لأمور خارجية فالكل حكمه واحد وهو البراءة.
ونحن نقول: - الأصح هو جعلها مسألة واحدة كما فعل الشيخ الخراساني(قده)؛ إذ مادامت النكات لا تختلف بكون هذه الشبهة الحكمية ناشئة من اجمال النص أو من تعارض النصين أو من أمورٍ خارجية فلا داعي حينئذٍ إلى عقد ثمان مسائل بل يكفي عقد مسألةٍ واحدةٍ، نعم إذا كانت هناك بعض النكات اليسيرة مختلفة فلابد من التنبيه عليها في ضمن هذه المسألة الواحدة، فيقال مثلاً إذا كانت الشبهة الحكمية ناشئة من فقدان النص فيفرق عن غيره بكذا وكذا.
أصل البراءة
أصل البراءة كما نعلم تارةً يكون عقلياً وأخرى يكون شرعياً، وقد قدّم الشيخ الأعظم(قده) البحث عن الأصل الشرعي ثم البحث عن الأصل العقلي، ونتمكن أن نقول: هو لم يفصل بين الأبحاث بل جمعها تحت عنوان البراءة وقال إنَّ البراءة تجري بأصلها الشرعي وأصلها العقلي وأخذ يستدل عليها بالكتاب والسنَّة والعقل والاجماع، فهو جمع الكل وتكلم عنه بكلامٍ واحد، وقد احتذى مَن جاء بعده حذوه حيث تكلموا بكلام واحد وقالوا سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية وسواء كانت تحريمية أو وجوبية أو ناشئة من تعارض النصين أو اجمالهما فهي مجرى للبراءة العقلية والشرعية، هكذا صنع المتقدمون قبل أن تصل النوبة إلى السيد الشهيد(قده)، وأما السيد الشهيد(قده) فقد فَصَلَ بين البراءة الشرعية والبراءة العقلية، ولعلَّ الفصل أولى كي تتضح معالم البراءتين، ونحن نقدّم البحث عن البراءة العقلية ثم نبحث البراءة الشرعية.
البراءة العقلية: -
والمقصود منها حكم العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وقد بنى الشيخ الأعظم(قده) أصوله - في الرسائل - على هذه القاعدة حيث يتمسك بها في مباحثه الأصولية، ولم نعرف بداية تاريخ هذه القاعدة وبروزها في علم الأصول بشكلٍ دقيق، نعم من المحتمل أنها ظهرت في عصر الوحيد البهبهاني(قده) ولكن هذا لا يعني أنَّ جذورها لم تكن موجودة قبل زمانه، بل يمكن أن يقال إنَّ لها جذوراً أسبق، فمثلاً ابن زهرة(قده) حسب نقل الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل أنه يقول بقبح التكليف مع عدم العلم لأنه تكليفٌ بغير المقدور، وهذا يوحي بأنَّ ابن زهرة(قده) كان يوجد في ذهنه هذه القاعدة بروحها لا بألفاظها، ونقل الشيخ الأعظم عن المحقق الحلي(قده) قوله:- ( إنَّ عدم الدليل دليل العدم )، وهذا قد يتناغم مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
والسؤال: - هل يوجد تشكيك بين المتقدّمين في قاعدة قبح القعاب بلا بيان أو لا يوجد تشكيك؟