« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

-الأمر الخامس ( النزاع صغوي وليس كبرزوياً )، الأمر السادس ( الحصر استقرائي أو عقلي ) - مبحث الاصول العملية.

الموضوع: الأمر الخامس ( النزاع صغوي وليس كبرزوياً )، الأمر السادس ( الحصر استقرائي أو عقلي ) - مبحث الاصول العملية.

الأمر الخامس: النزاع صغروي وليس كبروياً.

المقصود من هذا العنوان أنَّ الأصوليين يتمسكون بقاعدة ( قبح العقاب بلا بيان ) - أي البراءة العقلية - في جملة من الموارد في الشك في التكليف، ويتمسكون بالبراءة النقلية أيضاً، وأما الإخباريون فقد أنكروا التمسك بالبراءة العقلية، ولكن ينغي أن يُعلم أنَّ هذا الخلاف صغروي وليس كبروياً، بمعنى أنَّ كلا الطرفين قد اتفقا على عدم وجود بيانٍ فالعقل يحكم حينئذٍ بقبح العقاب بلا بيان، وهذا المقدار مسلّم بينهما، وإنما وقع الخلاف بينهما في أنَّ البيان هل هو متحقق أو ليس بمتحقق، فالإخباري يتمسك بالنصوص الآمرة بالتوقف والاحتياط عند الشك في التكليف أو يتمسك بالعلم الإجمالي بالتكليف حيث يقول يوجد علم اجمالي بالتكليف في مجموع الشبهات فيلزم حينئذٍ الاحتياط، وأما الأصولي فينكر ذلك فيقول إنَّ هذا العلم الإجمالي منحلٌّ والنصوص الدالة على وجوب التوقف أو الاحتياط لا تدل على ذلك فإنَّ لسانها ليس لسان وجوب - وإنما هو لسان استحباب - وهذا معناه أنَّ الخلاف بينهما صغروي وأنه هل يوجد علم اجمالي بالتكليف أو توجد نصوص آمرة بالتوقف أو الاحتياط في مورد الشك في التكليف فلا تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو أنه لا يوجد ذلك فتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

الأمر السادس: الحصر استقرائي أو عقلي؟

المعروف بين الأصوليين أنَّ الأصول العملية أربعة، البراءة، والاحتياط، والاستصحاب، والتخيير، ولكن هل هذا الحصر استقرائي أو عقلي؟

والذي يراد أن يدّعى هنا هو أنه ينبغي التفصيل بين نفس الأصول العملية وأنَّ عددها يمكن أن يكون أكثر أو أقل من أربعة، وبين مجاريها وأنها أربعة فقط لا أقل ولا أكثر.

أما بالنسبة إلى نفس الأصول: فإنَّ الحصر فيها استقرائي وليس عقلياً، والوجه في ذلك هو أنَّ نفس الأصول يمكن أن تصير أكثر من أربعة وذلك إذا قلنا بوجوب الاحتياط في الشبهة البدوية دون البراءة - لا كما هو المعروف بين الأصوليين من جريان البراءة فيها - ففي مثل هذه الحالة تصير الأصول ثلاثة بحذف واحدٍ منها وهو أصل البراءة، لأنَّ أصل البراءة إن كان يجري فمورد جريانه هو الشبهة البدوية، فإذا قلنا بجريان الاحتياط في الشبهة البدوية فسوف يحذف أصل البراءة.

ولو فرض أنا قلنا بوجوب الاحتياط أيضاً في مورد الاستصحاب فسوف تصير الأصول اثنين.

كما يمكن أن تصير الأصول أكثر من أربعة، فقد تصير خمسة، كما لو قلنا بالتخيير عند الدوران بين الحرمة والاباحة ولكن عند الدوران بين الوجوب والاباحة لا تجري الاباحة وإنما الذي يجري هو الاستصحاب ففي مثل هذه الحالة يصير عدد الاصول أكثر أي تصير خمسة.

وبهذا يتضح أنَّ الحصر في نفس الأصول استقرائي وليس عقلياً.

وأما إذا لاحظنا مجاري الأصول: فالحصر بلحاظها عقلي، لأنَّ الأمر يدور بين النفي والاثبات فيقال: إذا شك في التكليف فتارةً توجد حالة سابقة متيقنة وهو مجرى الاستصحاب، وأخرى لا توجد حالة سابقة متيقنة، وهنا إما أن يكون هناك حجة على التكليف، أو لا تكون هناك حجة على التكليف، فإنَّ كانت هناك حجة على التكليف فإما أنه يمكن الاحتياط، أو لا يمكن الاحتياط، فأما على الأول فهو مورد الاستصحاب، وأما على الثاني فهو مورد البراءة، وأما على الثالث فهو مورد الاحتياط الاشتغال، وأما على الرابع فهو مورد التخيير.

logo