46/06/29
الأمر الثالث ( لوازم الامارة ) - مبحث الاصول العملية.
الموضوع: الأمر الثالث ( لوازم الامارة ) - مبحث الاصول العملية.
الوجه الثاني: ما افاده الشيخ النائيني(قده)، وحاصله: إنَّ المجعول في باب الأمارة هو العلمية، وإذا كان المجعول هو العلمية فنقول - كمقدمةٍ ثانية - إنَّ العلم بالشيء علمٌ بلوازمه، وعليه فإذا أخبر شخصٌ عن المدلول المطابقي فسوف تثبت اللوازم بناءً على هذا المسلك.
ويرده: إنَّ العلم بالشيء إنما يكون علماً بلوازمه فيما إذا كان علماً وجدانياً، فإنَّ من علم بشيءٍ وجداناً علم أيضاً بلوازم ذلك الشيء بالوجدان، وأما إذا كان العلم اعتبارياً فلا تأتي هذه القاعدة.
ولكن ربما يمكن الجواب عمّا ذكرناه ويقال: إذا فرض أنَّ المولى قد جعل الامارة حجة - أي علماً - بلحاظ المدلول المطابقي من باب قوة كشفها عن الواقع فحينئذٍ نقول حيث إنَّ درجة كشف الأمارة عن مدلولها المطابقي تتساوى مع درجة كشفها عن مدلولها الالتزامي فحينئذٍ متى ما جعل المولى الأمارة حجة في المدلول المطابقي يلزم أن يجعلها حجة في المدلول الالتزامي؛ إذ المرفوض أنَّ درجة الكشف في المدلولين واحدة فلماذا يجعلها حجة في المدلول المطابقي فقط دون أن يجعلها حجة المدلول الالتزامي؟!!، وعليه فلا يرد الاشكال على الشيخ النائيني(قده) إذا كان يقصد هذا المعنى، وليس من البعيد أنه يقصده وإن كانت عبارته ليست واضحة في ذلك.
الوجه الثالث: ما افاده الشيخ الأعظم(قده) في باب الاستصحاب، حيث ذكر أنَّ المولى إذا جعل الاستصحاب حجة في اثبات المستصحب لإفادته الظن بدرجة سبعين بالمائة مثلاً فنفس هذه الدرجة موجودة في اللوازم أيضاً فيلزم أن يجعلها حجة أيضاً.
وهو لم يعبر بتساوي الدرجة وإنما قال في التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب: - ( لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الظن[1] لم يكن مناص عن الالتزام بالأصول المثبتة[2] لعدم انفكاك الملزوم عن الظن باللازم )[3] .
ونحن نقول: إذا قبلنا بهذا منه في باب الاستصحاب فيمكن أن نسرّيه إلى غير باب الاستصحاب كالخبر، فنقول إنَّ من أخبرنا عن شيءٍ فإخباره يفيد الظن بدرجة سبعين بالمائة مثلاً وحينئذٍ يلزم أن تثبت اللوازم، لأنَّ الخبر إذا كان يحصل من خلاله الظن في اثبات المؤدّى بدرجة سبعين بالمائة فهو بنفس الدرجة يكشف عن لوازم المؤدى فتكون ثابتة أيضاً، فالنكتة التي ذكرها في باب الاستصحاب لو تمت فسوف نسحبها إلى باب الخبر وسوف تثبت بذلك لوازم الخبر.
ثم إنَّ ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) في هذا الوجه هو تقريبٌ ثانٍ لحجية الأصل المثبت ولكنه خاصٌّ بالمبنى القائل بأنَّ الاستصحاب هو حجَّة من باب الظن، وهكذا التقريب السابق الذي ذكره الشيخ النائيني(قده) هو خاص بمبنى جعل العلمية.