« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

-ما دل على عدم حجية خبر الاحد من السنة الشريفة- مبحث حجية خبر الواحد.

الموضوع:- ما دل على عدم حجية خبر الاحد من السنة الشريفة - مبحث حجية خبر الواحد.

 

وأما السؤال الخامس - وهو إذا كانت دلالة الخبر ضعيفة فهل تنجبر بفتوى المشهور إذا كانت مطابقة له وهل تنكسر بمخالفتهم لها وإن كانت - فجوابه: - إنَّ الشيخ الخراساني(قده)[1] ذكر في آخر مبحث الانسداد أنَّ الشهرة لا تكون جابرة لضعف الدلالة ولا تكون كاسرة لقوتها، وعلل ذلك بأنَّ موضوع الحجية هو الظهور وهو لا يتزلزل بفتوى المشهور بالخلاف، وأما إذا لم يكن هناك ظهور فلا يتولد حينئذٍ ظهورٌ بسبب فتوى المشهور، ففتوى المشهور لا تولد ظهوراً ولا تضعّف ظهوراً، وعلى هذا الأساس لا تكون فتوى المشهور جابرةً لضعف الدلالة ولا كاسرة لقوتها.

أجل فتواهم على خلاف ظهور النص قد تولد الظن على خلاف الظهور، ولكن حجية الظهور ليست مشروطة بعدم الظن بالخلاف.

وممن وافقه على ذلك العلمان الشيخ النائيني والسيد الخوئي(قده).

وفي التعليق نقول: - من المناسب التفصيل بين ما إذا كانت الفتوى المخالفة لظهور النص أو الموافقة لظهوره الضعيف هي مخالفة أو موافقة لفتاوى المتقديين من فقهائنا القريبين من عصر النص كالشيخ الكليني والصدوق وما قبلهم وبين ما إذا كانت من المتأخرين، فإن كانت الموافقة والمخالفة هي من قبل المتقدمين فالشهرة هنا تكون جابرة وكاسرة، فإنها تجبر ضعف الدلالة كما أنها تزيل الحجية عن الدلالة قوية وتضعفها، وأما إذا كانت الشهرة بين متأخري الفقهاء وكان المشهور بينهم يخالف الظهور القوي أو يوافق الظهور الضعيف فهذه الشهرة لا تكون جابرة ولا كاسرة.

فإذاً ينبغي التفصيل كما ذكرنا لا أن يقال بضرسٍ قاطع بعدم الجابرية والكاسرية كما قال صاحب الكفاية والعلمان.

ولكني أستدرك واقول: - إنَّ ما ذكرناه - من كون المناسب هو أنَّ الشهرة تكون جابرة وكاسرة إذا كانت عند الفقهاء القريبين من عصر النص - هو على حسب ما تقتضيه القواعد، ولكن كيف لنا الحصول على شهرةٍ بين الفقهاء القريبين من عصر المعصوم عليه السلام فإنَّ تحصيل صغرى هذا الظهور أمرٌ مشكل، وعليه فينحصر الأمر بالشهرة المتأخرة، وهذه الشهرة بما أنها متأخرة فلا تكون جابرة ولا كاسرة كما ذهب إلى ذلك صاحب الكفاية والعلمان. فإذاً نحن نوافقهم في النتيجة ولكن من طريقٍ آخر لا لطريقهم.

وأما السؤال السادس - وهو هل الحجة خصوص الخبر الحسّي أو يعم الحدسي أيضاً - فجوابه: - إنَّ الحجة هو خصوص الخبر الحسّي دون الحدسي، والوجه في ذلك هو أنَّ المدرك المهم لحجة الظهور هو السيرة، والسيرة لا تشمل الخبر الحدسي، وإنما القدر المتيقن منها هو الخبر الحسّي، وهكذا إذا كان المدرك مثل آية النبأ - إن تمت دلالتها - فإنها قالت: ﴿ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ﴾ وهي ظاهرها الخبر الحسّي لا الحدسي، ولا أقل يكفي التردد في أنها شاملة للخبر الحدسي أو لا فيقتصر على الخبر الحسّي بالخصوص.

وإذا اتضح هذا المطلب فسوف يتضح مطلب آخر: - وهو نقل الاجماع، فإنّ الفقيه حينما ينقل الاجماع فتارة نريد من خلال هذا النقل اثبات الاتفاق بين الفقهاء لا أكثر من ذلك، وتارة اخرى نريد اثبات رأي المعصوم عليه السلام من خلاله ونقول إنَّ اجماع الفقهاء يكشف عن رأي المعصوم عليه السلام، والذي نريده عادة من نقل الاجماع هو اكشاف رأي المعصوم عليه السلام، وهذا الاستكشاف ليس ناشئاً عن حسٍّ وإنما هو ناشئ عن حدس، وعليه فلا يكون نقل ناقل الاجماع حجّة. نعم هو يكون حجة من حيث السبب - أي الاتفاق - لا من حيث المسبَّب - أي رأي المعصوم عليه السلام - فإنه لا يكون حجة هنا، وإنما رأي المعصوم عليه السلام لابد وأن يُحصل عليه من خلال الحسّ لا الحدس، والقدر المتيقن من دليل حجية الخبر - الذي هو السيرة وآية النبأ - هو الخبر الحسّي دون الحدسي.


logo