47/03/14
-مسألة ( 1449 ) عدة طلاق الحامل - فصلٌ في العِدَّة- كتاب الطلاق.
الموضوع: - مسألة ( 1449 ) عدة طلاق الحامل - فصلٌ في العِدَّة - كتاب الطلاق.
مسألة ( 1449 ):- عدَّة طلاق الزوجة الحامل - وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول - إلى وضع الحمل. ولا فرق بين الحرَّة والأمة.
.........................................................................................................
قبل بيان الاحكام التي تشتمل عليها المسالة نقول: -
كان من المناسب للسيد الماتن التعبير هكذا: ( عدَّة طلاق الزوجة الحامل تنتهي بوضع الحمل، وهذا الحكم ثابت حتى لو فرض أنها حملت لا بدخال فرجه في فرجها وإنما حملت بإراقة مائه في فرجها فحملت، ولا فرق في هذا الحكم بين الحرة والامة ).
وأما الاحكام التي تشتمل عليها المسألة فثلاثة: -
الحكم الأول: - إذا طلقت الزوجة وهي حامل فسوف تنتهي عدتها بوضع حملها، فلو فرض أنَّ زوجها طلقها وهي حامل بالشهر الثامن فحينئذٍ لو وضعت حملها بعد شهر فسوف تنتهي عدتها بذلك، ولو فرض أنه طلقها وهي حامل في الشهر الأول أو الثاني ووضعت حملها في الشهر الأول أو الثاني فأيضاً ستنتهي عدتها حين الوضع. فالمناط إذاً في انتهاء عدَّة الحامل هو وضع الحمل.
وأما مدرك هذا الحكم فأمران: -
الأول: - إنَّ المسألة اجماعية حيث لم ينقل فيها حلاف، وهذا بنفسه يكفي كدليل للحكم.
الثاني: - الكتاب الكريم، وهو قوله تعالى:- ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾[1] ، فهي دلت على أنَّ العدَّة تنتهي بوضع الحمل.
وقد يقول قائل: - إنَّ هذه الآية الكريمة مجملة حيث لا يجزم بكونها ناضرة إلى عدة الطلاق فقط بل لعلها ناظرة إلى عدَّة الوفاء أيضاً، وعليه فسوف تصير مجملة، فلا يصح التمسك بها.
قلنا: - لو قرأنا الآية الكريمة بتمامها فسوف تكون دلالتها على عدة الطلاق واضحة، فإنها قال:- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُم ... وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾[2] ، فالآية الكريمة من بدايتها كانت ناظرة إلى الطلاق ولا يوجد احتمال إرادة الوفاة أو عدّةٍ أخرى، فالمنظور فيها هو عدّة الطلاق بلا اشكال.
وبناء على ما استفدناه من الآية الكريمة من كون عدَّة المطلقة الحامل تنتهي بوضع الحمل أنه لو وضعت حملها بعد الطلاق بساعة فسوف تنتهي عدتها مادام قد وضعت الحمل، لأنَّ الآية الكريمة قالت إن المطلقات الحوامل أجلهن أن يضعن حملهن، فحينئذٍ لو وضعت حملها بعد الطلاق ولو بنصف ساعة فحينئذٍ سوف تنتهي عدتها بمقتضى الآية الكريمة.
إذاً العدَّة أحياناً قد تكون ساعة أو ساعتين، وهو فيما إذا طلقت ثم وضعت حملها بعد ساعة فحينئذٍ سوف تنتهي عدتها بوضع الحمل وتكون عدتها ساعة واحدة فقط.
كما توجد روايات تؤيد الآية الكريمة وتدل على المطلوب: -
منها: - ما رواه محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: - ( طلاق الحامل واحدة فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه )[3] .
فإنها قالت ( طلاق الحامل واحدة ) يعني بمجرد أن يطلق الزوج امرأته الحامل ووضعت حملها فحينئذٍ لا يمكن أن يطلقها مرة ثانية أو ثالثة بل يكون طلاقها مرَّة واحدة، وأيضاً يوجد شاهدنا في الفقرة الثانية حيث قالت الرواية ( إذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه ) فإنَّ هذه العبارة صريحة في أنَّ الزوج لا يمكنه الرجوع إليها بمجرد وضع الحمل.
وبناءً على هذا يوجد فارقان بين أن تكون المطلقة حاملاً وبين أن لا تكون حاملاً: -
الأول: - إنَّ المطلقة الحامل لا يجوز طلاقها إلا مرةً واحدة لا أكثر، بخلاف غير الحامل حيث يجوز طلاقها ثلاث مرات، وسبب الفرق هو هذه المعتبرة حيث صرحت بذلك.
الثاني: - إنَّ البينونة في غير الحامل تتحقق في الطلاق الثالث، وهذا بخلافة في الحامل فإنَّ البينونة تتحقق بوضع الحمل حيث تنتهي عدتها وإلا فقبل الحمل فلا تكون بائناً ويتمكن زوجها من مراجعتها.
وأما سند الرواية:- فقد رواها الصدوق عن زرارة، حيث قال في مشيخة من لا يحضره الفقيه:- ( وما كان فيه عن زرارة بن أعين فقد رويته عن أبي رضي الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل بن عيسى كلهم عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة بن أعين )، وهذا الطريق معتبر، فإنَّ جميع رجال السند ثقات، فإن والد الصدوق معتبر، والحميري معتبر، ومحمد بن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن اسماعيل هم من الثقات، وعلى الأقل وثاقة أحدهم يكفي، والحسن بن ظريف الذي هو من هؤلاء الثلاثة قد وثقه النجاشي فتكون الرواية معتبرة من جانبه، وأما حمّاد بن عسى فهو غريق الجعفة الثقة، وأما وحريز وزرارة فهما معروفان، وعليه فتكون الرواية معتبر السند وتدل على المطلوب وهو أنَّ عدَّة الحامل تنتهي بوضع الحمل.