« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه

46/06/30

بسم الله الرحمن الرحيم

 -الفصل العاشر ( في النفقات )– كتاب النكاح.

الموضوع: - الفصل العاشر ( في النفقات ) – كتاب النكاح.

أما الحكم الأول[1] :- فلم يعرف نسبة الخلاف فيه لأحد، وكأنَّ الكلمة متفقة على أنَّ الزوجة بالزواج المنقطع ليس لها نفقة. وإذا رجعنا إلى الروايات وجدنا رواية واحدة تدل على عدم وجوب النفقة للزوجة المنقطعة إلا أنها ضعيفة السند، وهي ما رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن هشام بن سالم، قال:- (قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- اتزوج المرأة متعة مرةً مبهمة[2] ، قال فقال:- ذاك أشدُّ عليك ترثها وترثك ولا يجوز لك أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين، قلت:- اصلحك الله فكيف اتزوجها؟ قال:- أياماً معدودة بشيء مسمّى مقدار ما تراضيتم به فإذا مضت أيامها كان طلاقها في شرطها ولا نفقة ولا عدة ها عليك)[3] .

ودلالتها على عدم وجوب النفقة على الزوجة المتمتع بها واضحة حيث قالت ( ولا نفقه )، إلا أنَّ المشكلة في سندها، حيث ورد فيه موسى بن سعدان وقد قال عنه النجاشي: ( ضعيفٌ في الحديث )، وكذلك عبد الله بن القاسم فإنه لم يرد في حقه توثيق، ولا أقل هي ضعيفة السند من جهة موسى بن سعدان، وعليه فلا يمكن من خلالها اثبات وجوب النفقة للزوجة المنقطعة.

ولكن في مجال اثبات عدم وجوب النفقة لها يمكن أن يقال: - إنَّ مثل هذا الحكم لا يحتاج إلى دليل خاص، بتقريب: انَّ المسألة عامة البلوى في ذلك الزمان، فلو كانت النفقة على الزوجة المنقطعة واجبة لكان ذلك الحكم معروفاً ولا أقل لقال به بعض الفقهاء والحال أنه لم يقل به أي واحدٍ منهم، فعدم نسبة الوجوب إلى فقيهٍ منهم يورث الاطمئنان للفقيه بعد وجوب النفقة للزوجة المتمتع بها.

إن قلت:- توجد آيتان كريمتان - أو أكثر - يمكن التمسك بإطلاقهما لإثبات وجوب النفقة على الزوجة المتمتع بها، وهما قوله تعالى:- ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[4] ، بتقريب أنه عزَّ وجل قال:- ﴿ وعلى المولود له رزقهم ﴾ والمولود له هو الزوج فإنه يجب عليه أن ينفق على التي ولدت له مولوداً وهي الزوجة، وحيث إنَّ الآية الكريمة مطلقة ولم تقيد بما إذا كان الزواج دائماً فيتمسك بإطلاقها لإثبات وجوب النفقة على الزوجة المتمتع بها أيضاً، وقوله تعالى:- ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ﴾[5] ، فإنَّ الكلام فيها عن الزوجة وبإطلاقها تشمل المتمتع بها أيضاً، ولعله توجد آيات أخرى تدل على ذلك من قبيل: ﴿وعاشروهن بالمعروف ﴾، أو ﴿ فإمساك بمعروف﴾ فإنها بإطلاقها تشتمل الزوجة التمتع بها.

وفي الجواب نقول: - إنَّ هذا وجيه إذا لم يكن عندنا اجماعٌ على عدم وجوب النفقة على الزوجة المتمتع بها، وأما بعد وجوده فسوف يكون هذا الاجماع مقيداً لإطلاق هذه الآيات الكريمة.

وأما الحكم الثاني[6] : - فالدليل عليه الآيتان الكريمتان المتقدمتان بعد أن أخرجنا المتمتع بها منهما فتكون الزوجة الدائمة مشمولة لهما.

مضافاً وجود اجماع في المسألة بأنَّ الزوجة الدائمة يجب الانفاق عليها.

وهنا يأتي سؤال: - وهو أنه ما هي الأشياء التي يجب انفاقها على الزوجة الدائمة؟

الجواب: - إنَّه يختلف باختلاف الزمان والمكان، فإنَّ الزمان والمكان يؤثران على ذلك، فصحيحٌ أنَّ الآية الكريمة قد أمرت بالإنفاق ولكن إنفاق كل زمانٍ بحسبه، فمثلاً ربما يقال إذا صارت السيارة ضرورية بالنسبة للنساء فهنا يلزم على الزوج أن يوفرها لها، وكذلك لو احتاجت باقي الوسائل الضرورية من تلفازٍ أو انترنيت أو ما شاكل ذلك، ولكن هذا يتبع الزمان فإنَّ بعض الاحكام تتأثر بالزمان وهذا الحكم منها.


[1] وهو وجوب النفقة على الزوجة الدائمة دون المنقطعة.
[2] مبهمة: أي من دون تحديد مدة.
[6] وهو أنَّ الواجب من النفقة على الزوجة الاطعام على الزوجة والكسوة والسكن وما شاكل ذلك.
logo