« قائمة الدروس
الأستاذ السيد مجتبی الحسيني
بحث التفسیر

46/08/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الآيات 33-34من سورة لقمان/الآیات المصدرة بیا ایها الناس /التفسیر الموضوعی

موضوع: التفسیر الموضوعی/الآیات المصدرة بیا ایها الناس /الآيات 33-34من سورة لقمان

قال الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [1]

فی الاسبوع الماضی تحثنا حول الآية الأولى وتطرقنا الى أهوال الآخرة وبعض خصوصياتها كما تحدثنا حول الدنيا ولزوم الاجتناب عن غرورها وغرور الشيطان. وبعد بيان القيامة والتحذير عن المعصية والتحذير عن التمسك بالدنيا وغيرها من المغريات تأتي الآية اللاحقة وذكر فيها ثلاث مواطن من علم الله: علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الرحام وذكر جهل الناس بما يكسب غداً والراد منه اما غدا بمعنى بعد يوم وبالأولى لا يدري ما بعدها واما المواد يوم القيامة ثم ذكرجهلهم بمكان الموت ولعله كناية عن مباغتة الموت ثم ذكّر الناس بعلم الله واطلاعه المطلق.

ورد في المجمع: جاء في الحديث إن مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله وقرأ هذه الآية

«وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ» أي ويعلم ما في أرحام الحوامل أ ذكر أم أنثى أ صحيح أم سقيم واحد أو أكثر «﴿وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً﴾» أي ما ذا تعمل في المستقبل وقيل ما يعلم بقاءه غدا فكيف يعلم تصرفه «﴿وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾» أي في أي أرض يكون موته، وقيل أنه إذا رفع خطوة لم يدر أنه يموت قبل أن يضع الخطوة أم لا، وإنما قال بأي أرض لأنه أراد بالأرض المكان، ولو قال بأية أرض لجاز وروي أن ذلك قراءة أبي وقد روي عن أئمة الهدى (ع) أن هذه الأشياء الخمسة لا يعلمها على التفصيل والتحقيق غيره تعالى‌ «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ» بهذه الأشياء «خَبِيرٌ» بها) [2]

في حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام: "أنّ أحد أصحابه سأله: هل يعلم الإمام الغيب؟ قال: «لا، و لكن إذا أراد اللّه أن يعلم الشي‌ء أعلمه اللّه ذلك"

کما وردت في نهج البلاغة: "أنّ عليّا عليه السّلام كان يوما يخبر بحوادث المستقبل، فقال له أحد أصحابه: يا أمير المؤمنين، أ تتحدّث عن الغيب و تعلم به؟

فتبسّم الإمام، وقال له: «يا أخا كلب (لأنّ الرجل كان من بني كلب)، ليس هو بعلم غيب، وإنّما هو تعلّم من ذي علم، وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عدده اللّه سبحانه بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ ... فيعلم اللّه سبحانه ما في الأرحام، من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخيّ أو بخيل، وشقيّ أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا، وفي الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلّا اللّه، وما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه فعلّمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطمّ عليه جوانحي" [3]

روايات عديدة في أنّ للّه علما لا يعلمه إلّا هو، وعلما علّمه الملائكة والأنبياء وابواب فی علم المعصومین: فی المجلد الاول من اصول الکافی ابواب الحجة.

منها: باب أنّ الأئمّة عليهم السّلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة. [4]

ومنها: "باب أن الأئمة علیهم السلام معدن العلم و شجرة النبوة و مختلف الملائكة" [5] ؛

ومنها: باب أن الأئمة ورثوا علم النبي و جميع الأنبياء و الأوصياء الذين من قبلهم" [6]

ومنها: "باب أن الأئمة علیهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها" [7] .

ومنها: "باب أن الأئمة علیهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل علیهم السلام [8]

ومنها: باب أن الإمام ع يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فيهم علیهم السلام نزلت" [9]

نعم انهم علیهم السلام کانوا اعلم خلق الله ولکن لم یکن کل شیء في العالم حاضر في ذاكرتهم ولكن الله اقدرهم على علم كل شيء ولكنهم كانوا عباد مكرمون لم يكن لهم داعي الى معرفة كل شيء لا يعنيهم وانما يلتفتون الى ما يفيدهم في عملية الهداية للخلق او إتمام الحجة على المعاندين كما ان معجزاتهم وكراماتهم في الاخبار عن أحوال بعض الناس او شفاء المرضى ولم يستفيدوا من هذه الكرامات الا عند الضرورة فبعض لعوام يجعلون اهل البيت مكان الطبيب لمرضاهم في غير مورده ولم يصل الينا خبر بانهم في حياتهم يعرضون انفسهم لان يصطف الناس وراء بيوتهم ليشفوا المرضى او يقضوا حاجات الناس من طريق المعجزة وحتى هم كانوا يستفيدون من الادوية المختلفة لعلاج امراضهم وينصحون الناس ويرشدوهم في المعالجة حتى تركوا ميراثا عظيما في الطب والعقاقير وجمعت بعضها بعنوان طب النبي و طب الصادق وطب الرضا وغير ذلك.

کما ان بعض المشرکین والکفار کانوایریدون ان یفعل التبی صلوات الله علیه اموراً خارقا للعادة للعب به لا للإيمان وايقانهم بانه من عند الله، وقد ورد هذه التمنيات من المشركين عن رسول الله. في بعض آيات القرآن قال تعالى: ﴿وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً﴾ ﴿أَوْتَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً﴾ ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً﴾ ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى‌ فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً﴾ [10]

وقال تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [11]

 


logo