46/08/11
بسم الله الرحمن الرحیم
المسألة الثانية من حكم الاجزاء المنسية في الصلاة/حكم الأجزاء المنسية في الصلاة /كتاب الصلاة
موضوع: كتاب الصلاة/حكم الأجزاء المنسية في الصلاة /المسألة الثانية من حكم الاجزاء المنسية في الصلاة
قال المصنف: (مسألة 2): يشترط فيهما جميع ما يشترط في سجود الصلاة وتشهّدها من الطهارة والاستقبال وستر العورة ونحوها، وكذا الذكر والشهادتان والصلاة على محمّد وآل محمّد، ولو نسي بعض أجزاء التشهّد وجب قضاؤه فقط، نعم لو نسي الصلاة على آل محمّد فالأحوط إعادة الصلاة على محمّد بأن يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، ولا يقتصر على قوله: وآل محمّد، وإن كان هو المنسيّ فقط، ويجب فيهما نيّة البدليّة عن المنسي، ولا يجوز الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي، كالأجزاء في الصلاة، أمّا الدعاء والذكر والفعل القليل ونحو ذلك ممّا كان جائزاً في أثناء الصلاة فالأقوى جوازه والأحوط تركه، ويجب المبادرة إليها بعد السلام ولا يجوز تأخيرهما عن التعقيب ونحوه)
قد فرغنا في اليوم الماضي عن البحث في الفرع الخام
واليوم نريد البحث عن الفرع السادس حيث يقول المصنف رضوان الله عليه: (ولا يجوز الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي، كالأجزاء في الصلاة)، ان المصنف يرى عدم جواز الفصل بين قضاء السجدة او قضاء التشهد وبين الفريضة والحال ان هذه المسألة يرتبط برؤيتنا الى قضاء السجدة او التشهد فان قلنا انهما جزء من الفريضة أجاز المولى للناسي ان يأتي بهما بعد الفريضة فلابد من القول بعدم جواز المنافي بينهما وبين الفريضة لانهما جزء حقيقي للفريضة ولا يجوز الفصل بين أجزاء الصلاة بما ينافيها وان فصل بينهما عمدا تبطل صلاته فالحرمة وضعية، بمعنى ما يكون فعله موجب للبطلان. وعلى مبنى المشهور من حرمة ابطال الصلاة عمدا تأتي حرمة التكليفية ايضاً. نعم من يقول بجواز ابطال الصلاة عمدا فالفصل بين الفريضة وقضاء السجدة او التشهد ليس موجبا للإثم وانما يوجب بطلان الصلاة.
الفرع السابع قوله: (أمّا الدعاء والذكر والفعل القليل ونحو ذلك ممّا كان جائزاً في أثناء الصلاة فالأقوى جوازه والأحوط تركه) والوجه في هذا الفرع ان قضاء أجزاء الصلاة بمنزلة الصلاة فكما يجوز في اثناء الصلاة ذكر الله والدعاء وقراءة القرآن شريطة الا يكون بمقدار يخرجه عن حالة المصلي، فأجاز ذلك ثم احتاط تركه لما يدل على فورية قضاء المنسي في الصلاة ولذلك أكثر من واحد المعلقين هنا قيّدوا بان لايكون ما يأتي به من الذكر منافي للفورية.
لا يقال: ان في اثناء الصلاة لا بأس بقراءة ادعية طويله او تكرار الذكر بالمئات ففي بين الصلاة وقضاء أجزاء الصلاة أيضا لابد ان يكون جائزاً
لأنه لقائل ان يقول: في مورد الصلاة ورد بعض الروايات التي اطلاقها يفيد جواز دس القران او الذكر في الصلاة، اما بالنسبة الى قضاء الأجزاء المنسية لم يرد دليل على جواز الفصل بينها وبين الفريضة وهذا قياس ولا يجوز القياس في الاحكام، وبالأخص فيما نحن فيه لأن المصلي خرج عن الصلاة فما يأتيه من الدعاء والذكر فاصل بين الفريضة وقضاء الجزء فهو خارج عن الصلاة. فلا اقل من الاحتياط الوجوبي بعدم الفصل بما ينافي الفورية.
الفرع الثامن وهو آخر فرع من هذه المسألة قوله: (ويجب المبادرة إليها بعد السلام ولا يجوز تأخيرهما عن التعقيب ونحوه)
وجوب المبادرة على مبنى كون قضاء السجدة او التشهد جزء حقيقي من الفريضة كما ان صلاة الاحتياط في مورد شك بين الركعات الأخيرة من الصلاة الرباعية على فرض نقص الصلاة تقع جزءا لها والشارع المقدس سمح للناسي ان يأتي بها خارج الصلاة والجزء لابد ان لا يكون بينه وبين الكل فصلاّ فلزوم الفورية وعدم إتيان المنافي بينهما امر واضح قياساتها معها.
ولكن أشكل السيد الخوئي على المصنف بناء على كون قضاء الأجزاء واجبا مستقلاً على قوله: (أنّه تجب المبادرة إليهما بعد السلام تكليفاً، فلا يجوز الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي كما في أجزاء الصلاة، دون غيره كالدعاء والذكر والفعل القليل ممّا كان جائزاً في أثناء الصلاة، نعم لو حصل الفصل بالمنافي عمداً وسهواً كالحدث والاستدبار، أو عمداً فقط كالتكلّم جاز الاكتفاء بإتيانهما على الأقوى، وإن كان الأحوط الاستئناف).
فقال: (لا دليل على وجوب المبادرة إليهما حينئذ لا تكليفاً ولا وضعاً، فانّ ذاك واجب مستقلّ غير مرتبط بالصلاة الأصلية حسب الفرض، فيجوز التأخير، ولا يقدح ذلك في صحّة الصلاة وإن ارتكب المنافي، كما هو الحال في سجدة السهو فالمبادرة إليهما واجبة تكليفاً لا وضعاً. [1]
ثمّ ذكر أنّه لو أتى بما يوجب سجود السهو قبل الإتيان بهما أو في أثنائهما فالأحوط فعله بعدهما.
يشكل السيد الخوئي على المصنف حسب مبناه في قضاء الجزء المنسي من انه واجب مستقل فقال: (فما صنعه في المتن من التفكيك والتفصيل بين الحكم التكليفي والوضعي حيث جمع بين وجوب المبادرة وعدم جواز الفصل وبين الاكتفاء بإتيانهما لو تخلّل المنافي، في غير محلّه، بل لا بدّ إمّا من الحكم بالجواز وضعاً وتكليفاً أو المنع كذلك كما عرفت، هذا).[2]
أقول: لا تلازم بين كون الشيء مستقلا وعدم وجوب المبادرة فللشارع ان يأمر عبده بإتيان تكليفين متوالياً من دون ان يكون التوالي شرط لصحة المأمور به. كما في سجدة السهو بعد الفريضة فيجب على المصلي القيام بسجدتي السهو ولكن ان تأخر ارتكب المعصية ولا يضر بصحة صلاته.
نكتفي بهذا المقدر من البحث في المسألة الثانية وغدا نتابع بحثنا في سائر المسائل ان شاء الله.