« قائمة الدروس
الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله
بحث الأصول

46/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصول العملية، اصالة الاحتياط.

الموضوع: الأصول العملية، اصالة الاحتياط.

     الاستدلال على الاحتياط بحكم العقل، وجوه"

     الوجه الأول: العلم الإجمالي بوجود تكاليف يكون منجزا إلا إذا انحل.

     انحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بالقدر المتيقن وشك بدوي في الباقي، وتوضيحه بمثال الشياة العشرة.

     وجه عدم الانحلال اختلاف عناوين الاحكام الشرعية، فلو قامت البينة على مسألة في الصلاة كما لو دار الأمر بين الظهر والجمعة فلا علاقة لذلك بمسائل الصوم.

 

الاستدلال على الاحتياط بحكم العقل:

استدل على الاحتياط بحكم العقل بأربعة وجوه:

الأول: بالعلم الإجمالي بوجود تكاليف قطعا ضمن هذه التكاليف، بعضها قام الدليل عليه، وهو يقتضي التنجز في الجميع، أي يقتضي الاحتياط. من قبيل احد الإناءين نجس ولم يعرف بعينه فيجب اجتنابهما.

الثاني: بان الأصل في الأشياء الحظر - المنع- وليس الاباحة.

بيانه: هناك مسألتان: ان الأصل في الأحكام الحظر أو الاباحة؟، ومسالة ان الأصل البراءة أو الاحتياط؟. لكل من المسألتين مورده. الاولى مسألة قديمة، الشيخ الطوسي (ره) ذهب إلى أن الأصل في الأشياء الحظر وليس الاباحة، ومع ذلك كان يقول بالبراءة العقلية، ونحن نذهب إلى ذلك، وان قلنا بالبراءة ايضا. فالأصل الحظر أو الاباحة قبل الفحص، اما اصالتي البراءة والاحتياط هما ما بعد الفحص. وسنعود لبيان أوسع وأوضح.

الثالث: حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، يعني ان هناك آخرة ومع احتمال العقاب دفع الضرر المحتمل.

الرابع: مسلك حق الطاعة. بان المولى عظيم وحق الطاعة يشمل المعلوم والمشكوك.

الوجه الأول: تنجز العلم الإجمالي:

ان كل مسلم يعلم اجمالا في أول بلوغه بتكاليف الزامية عامة بعضها يعلمها تفصيل وبعضها لا يعلمها، فليس كل المشكوكات نعلم بعدمها ونجري فيها البراءة، فهناك احكام قد أنشأت.

وهذا العلم الإجمالي ينجز التكاليف الواقعية ما لم ينحل. وكيفية الانحلال تكون بالعلم ببعض التكاليف تفصيلا، وحينئذ ينحل العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي، وفي المشكوكات تجري أصل البراءة.

مثلا: لو أني علمت أن بضع شياة محرّمة من أصل عشرة، ولا أعلم عدد المحرم ولا عدد الحلال، فحينئذ يجب الاجتناب عن الجميع بناء على كون العلم الإجمالي علّة تامّة في التنجيز.

اما لو علمت بوجود ثلاث محرمة، وبقي الشك في وجود محرّمة اخرى ضمن السبعة الباقية، فينحل العلم الاجمالي حينئذ إلى أمرين، علم تفصيلي وشك بدوي.

اما العلم التفصيلي فهو بالمحرمات الثلاث، وهذا يؤثر أثره في التنجيز فتحرم مخالفته.

والشك البدوي هو في باقي الشياة حيث أني أشك واحتمل وجود شاة محرّمة، وحينئذ فهذا مجرى الأصل، وهذا الأصل لا يتنافى مع أي علم، إذ ان العلم الاجمالي قد انتهى وانحلّ، والعلم التفصيلي لا يشملها.

وتطبيق هذه الكيفية في مقامنا أن نقول: قام العلم التفصيلي والامارات والطرق على بعض الاحكام، فانحل العلم الإجمالي، فتصبح اطرافه بين ما ثبت دليل على حجيته، وبين مشكوك في الباقي.

الذين ذهبوا إلى الاحتياط قالوا: إن هذا الانحلال غير تام حتى لو علمنا ببعض التكاليف، لان الامارات والطرق تثبت الاحكام في مواردها، ولا تتعرض لبقية الموارد، فبقية الموارد تبقى تحت العلم الإجمالي فلا ينحل. مثلا: الصلاة، فلو دار الامر في صلاة ظهر يوم الجمعة بين صلاة الجمعة او صلاة الظهر، فأي علاقة للأمارات الثابتة او المسائل في كتاب الصوم بهذه المسألة الصلاتية؟

إذن محورية كلام الاخباريين ان كل مسألة لا دخالة لها في مسألة أخرى، كل باب منفصل عن الباب الآخر.

لكن كلام الاخباريين غير سليم: الكلام في أصل البراءة في جميع الاحكام الإلزامية في الفقه.

مع صاحب الكفاية: صاحب الكفاية (ره) أجاب على الاستدلال بالعلم الإجمالي بالتكاليف بالاحتياط حيث ذكر ان قيام الامارة على التكليف في بعض الأطراف يوجب سقوط تنجز العلم الإجمالي، مثلا: إذا علم بحرمة إناء زيد، وتردد بين إناءين، ثم قامت البيّنة على احدهما المعيّن، انحل العلم الإجمالي وانتفى التنجيز، تماما كما لو علم بانه الحرام.

فانه يمكن ان يوردوا على صاحب الكفاية (ره) بالفرق بين المقامين، ففي المثال المذكور مسألة خاصّة وقامت الامارة على إناء خاص، وهذا لا شك فيه وفي امتثاله من انحلال العلم الإجمالي.

اما في مقامنا فان المعلوم بالإجمال فيه احكام لا تعيّن لها بوجه، وليس لها عنوان وعلامة وخصوصية، فقيام الامارة على ثبوت التكاليف في بعض الموارد لا ينفي ثبوتها في غيرها.

إذن العلم الإجمالي يبقى منجزا، ويجب الاحتياط في المشكوكات حتى لو قامت الامارات على بعض المواضيع في بعض المسائل.

 

logo