46/05/15
الأصول العملية، البراءة.
الموضوع: الأصول العملية، البراءة.
• ومن الاشكالات: ان المحرك للمكلف هو الحكم الفعلي لا الانشائي، فالإنشائي لا أثر له حينئذ فلا اثر لاستصحاب العدم.
• وفيه: انه يمكن استصحاب الفعلية المعلّقة على وجود الموضوع وعدم المزاحم، وحينئذ تصبح المسألة من صغريات اعتبار الاستصحاب التعليقي وعدمه.
دفع الإشكالات التي وردت على الاستدلال بالاستصحاب.
ومن الاشكالات: ان المحرك للمكلف هو الحكم الفعلي - عالم التحريك - لا الانشائي، فالإنشائي لا أثر له حينئذ ولا أثر لعدمه فلا يجري الاستصحاب.
والجواب: اننا قلنا ليس هناك إلا حكم واحد وهو الحكم الانشائي، والفعلية حالة من حالاته، والاستصحاب يكون لهذا الانشائي فلا براءة حينئذ.
قد يقال: إن مجرد الانشاء والاعتبار لا قيمة له، وليس عليه مؤاخذة أو عقوبة أو طاعة، لان العقوبة والطاعة في مرحلة التنجيز، والفعلية تكون في حال وجود العلم وعدم وجود المزاحم.
فإنه يقال: إن الطاعة هي امتثال الحكم، وقد اخذت الاحكام على نحو القضايا الحقيقية، أي بمجرّد وجود موضوعها أصبحت فعلية، ويؤاخذ عليها بعد وجود موضوعها وتكون موضوعا للثواب والعقاب، وهذا كاف في كون الاستصحاب له أثر فلا معنى لاعتبار الاستصحاب فيه، فهو لغو محض.
بيان آخر للإشكال والجواب: ان الاستدلال هو ان الحكم هو الحكم الانشائي والانشاء لا اثر له فكيف نستصحب امرا لا اثر له وكذا لا نستصحب عدمه، لانه شرط الاستصحاب ان يكون له اثر، فالاستصحاب أما له أثر، وما ليس له اثر لا قيمة له.
لكن نقول ان الانشاء له قيمة ونستصحبه كما هو لانه مأخوذ على نحو القضية الحقيقية، فمجرّد ان يتم موضوعه ولا مزاحم له صار فعليا وصرت مسؤولا عنه. هذا اثر، نعم هو أثر معلّق، هنا تصبح المسألة من باب الاستصحاب التعليقي.
الاستصحاب التعليقي: الاستصحاب أما استصحاب الامر فعلي، واما استصحاب الامر التعليقي.
الاستصحاب الفعلي مثلا: اشك من ان هذا ماء وحكمه النجاسة واشك في بقائه على النجاسة فاستصحب، والامثلة كثيرة على الأشياء الفعلية كبقاء الوضوء وغيرها.
اما الاستصحاب التعليقي وهو انه إذا كان هناك حكم وليس فعليا، بل معلّق على شيء ليس موجودا، هل استطيع استصحاب هذا النوع من الحكم؟
ببيان آخر: الاحكام على قسمين: قسم فعلي وليس معلقا على شيء مثل: الخمر حرام، وقسم معلّق مثلا: العصير العنبي حلال وحكمه انه إذا غلى حرم، فالحرمة ليست فعلية بل معلقة على الغليان.
الحكم الفعلي يستصحب. لكن هل الحكم المعلّق يستصحب؟
اختلف الاصوليون في ذلك، بعضهم قال لا يستصحب، لان الاستصحاب استصحاب ما كان، أي يجب ان يكون موجودا ومتحققا وفعليا كي استصحبه، أما المعلّق فلا وجود له، فكيف استصحبه؟!. هذا ما ذهب إليه الكثيرون كالنائيني (ره) وغيره. .
اما صاحب الكفاية (ره) قال بجريان الاستصحاب في الحكم المعلّق لانه استصحاب لهذا النوع من الوجود.
من قال بعدم جريان الاستصحاب قال بان الحرمة غير موجودة أصلا في العصير العنبي قبل الغليان فماذا استصحب؟ ليس هناك يقين سابق فالحرمة ليست موجودة أصلا.
ومن قال بجريان قال إن الحرمة لها نوع من الوجود، وهو الوجود المعلّق، فليست معدومة كليا، فجري الاستصحاب في المعلّق.
إذن في الاستصحاب التعليقي هل المستصحب موجود او لا؟ هل يجري فيه الاستصحاب؟ إذا قلنا بوجوده يجري الاستصحاب، اما على القول بعدم وجوده فلا يجري الاستصحاب.
ونلاحظ هنا انهم اجروا الاستصحاب في الحكم الانشائي، وهذا يناسب أصل البراءة على الاصطلاح الذي ذكرناه، لكن كثيرا ما يعبّرون عن اصل الاباحة بأصل البراءة وبالعكس.
ومنها: وهو ما ذكره المحقق النائيني (ره) ومفاده: إن المتيقن الثابت قبل البلوغ انما هو عدم التكليف في مورد غير قابل به وهي مرحلة الطفولة، فيكون المكلف كالحيوانات، ومثل هذا التكليف لا يحتمل بقاؤه بعد البلوغ، وانما المحتمل فيه عدم التكليف في المورد القابل له، فلا معنى للتمسك بالاستصحاب، وذلك لاختلاف الموضوع، فانتفي أحد ركني الاستصحاب.