47/04/21
الصلاة على الدابة ونحوها/مكان المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /الصلاة على الدابة ونحوها
لا يزال الكلام في استقرار مكان المصلي وفرع على ذلك اليزدي (رض) حكمين، أحدهما عدم صحة الصلاة على الدابة والثاني عدم صحة الصلاة في الأرجوحة.
قد يقال إنه لا بد من مراعاة الدقة في هذا البحث كما فعل الأعلام (رض) وعليه لا بد من السؤال:
هل خلق الله شيئاً مستقراً حقيقة؟
الاستقرار قد يلاحظ بتصور أو إدراك مجاملي وقد يلاحظ الاستقرار بالمعنى الدقيق جداً.
لم يتعرض العلماء إلى هذه النقطة المهمة مع أنها الأساس في محل البحث.
فلا الأرض ولا السماء ولا حتى النجوم والأفلاك التي عبروا عنها بالثوابت ليست ثابتة إنما لها حركة بطيئة جداً غير مدركة بالحواس الظاهرية إلا بالرصد البعيد.
بل نفس الخلق أيضاً حركة، خروج الشي من العدم الى الوجود حركة.
وهذه المعاني ملحوظة بالدقة العقلية وقد قلنا في الأصول مراراً وتكراراً وكذلك في الفقه في مناسبات مختلفة إن الحكم يثبت بالدقة العقلية لا بمفاهمة العرف.
وبناء على هذا التدقيق فتصوري أن البحث الذي أثاره اليزدي (رض) وتبعه عليه علماؤنا الأبرار قد اعتمدوا فيه على العرف المسامحي.
لكن كما ذكرنا مراراً أن العرف المسامحي لا يمكن جعله مناطاً للمصداق.
نعم، المفهوم يفهم من العرف ولكن المصداق لا يمكن الاعتماد فيه على العرف وكلمات الأعلام كلها مبنية على العرف.
لذلك ينبغي تبديل هذا القيد من كلمات الأعلام (رض) بقولك (إدراك) فالشيء قد يدرك الحركة وقد لا يدركها.
إذا أدرك الحركة فهو متحرك وإلا فهو غير متحرك، فكان على اليزدي (رض) أولاً والأعلام ثانياً التنبيه على هذا المعنى ثم بعد ذلك البحث عن المقصود من الاستقرار.
قالوا يشترط في الصلاة أن يكون المكان مستقراً.
ولكن الاستقرار الحقيقي غير موجود فيكون الشرط لغواً بناء على ما قدمناه ولا بُدَّ أن يقيد هذا الشرط بعدم الاستقرار بحسب المتعارف.
وعليه فإن التعبير الصحيح الدقيق في هذا البحث أن يشترط الاستقرار في مكان المصلي بحسب العرف المسامحي لا العقلي الدقيق.
هذا كله بناء على التأمل بالدقة العقلية.
ثم إن حكيم الفقهاء (رض) قال في بحثه إن هذا الحكم مسلم وهو الاستقرار واستدل برواية غريبة جداً وهي الرواية الأولى من الباب الخامس والثلاثين من أبواب مكان المصلي:
علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي على الرف المعلق بين نخلتين؟ فقال: إن كان مستوياً يقدر على الصلاة فيه فلا بأس.
ومع غض النظر عن السند، فقد ادعى حكيم الفقهاء (رض) أن هذه الرواية تدل على الاستقرار.
بل عداها (رض) لجواز الصلاة في الأرجوحة أيضاً بطريق أولى إن كان هذا الرف مسمراً بالمسامير!
كيف كان ما أفاده (رض) غير واضح، لا دلالة الرواية على الاستقرار ولا الأولوية في الأرجوحة.
فلا بد إذن من البحث عن معنى المتحرك والمستقر، وننظر في الروايات الشريفة الواردة في المقام.