« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

47/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

خروج الغاصب من المكان المغصوب/مكان المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /خروج الغاصب من المكان المغصوب

 

هناك مقدمات لا بد من ذكرها أولاً، منها أنه قد شاع التعبير بأن الصلاة لا تترك بحال.

والسيد حكيم الفقهاء (رض) حسب تتبعي قال في المستمسك بأنه لم يجد هذا الخبر إلا في الجواهر وصاحب الجواهر نقل هذا الخبر ولم يذكر له مصدراً، فأصل هذه الرواية محل إشكال لا محل منع.

بل ربما تكون موجودة في بعض المصادر التي لم نطلع عليها أو لم يطلع مثل حكيم الفقهاء (رض).

وأما الظاهر من كلمات سيدنا الأعظم (رض) أن هذا المعنى مسلم فهو أيضاً لم يذكر مصدراً له رغم سعة اطلاعه.

فتعبير العلماء بأنه حديث لعلها مقولة مستفادة من فقهائنا العظام (رض) وإن كان حديثاً فلم نطلع له على مصدر.

وأما احتمال أنه قول الفقهاء (رض) فعله من تتبعهم في تثبيت أن الصلاة لا تترك بحال([1] ).

على كل حال يظهر من معظم الفقهاء (رض) أن الخروج مباح لأنه تخلص من التصرف في الأرض المغصوبة ومن هنا التزم بعضهم بصحة الصلاة حال الخروج ولكن الحكم بصحة الصلاة في حالة الخروج يتوقف على القول بأن الخروج مباح أما إذا لم يكن الخروج مباحاً فالقول بصحة الصلاة حالة الخروج بالإيماء كما قال الفقهاء (رض) حينئذ لا دليل على صحته.

والقول في إباحة الخروج وإن اشتهر في كلماتهم ولكنه مشكل لأنه تصرف في أرض الغير المغصوبة والتصرف في الأرض المغصوبة محرم مطلقاً دخولاً وخروجاً وبقاءً فلا معنى للقول بصحة الخروج.

إنما الواجب هو التخلص من الحرام ولازمه أن تلفظ الإنسان بكلمات الصلاة الانسان يحتاج الى مكان ولكنه أيضاً تصرف الأرض.

ولو التزمنا بعبارة: الصلاة لا تترك بحال، والتزمنا بالصلاة عند الخروج بالإيماء ولكن لا نقول بصحة الصلاة بل يجب عليه القضاء بعد ذلك إنما يجب الاتيان بالصلاة بالإيماء اعتماداً على العبارة.

فيجب القضاء بعد ذلك لأنه في المكان المغصوب لا تصح الصلاة مطلقاً لا حالة الدخول لا حالة البقاء لا حالة الخروج أبداً فألتزم تعبداً والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أنه لا يحكم بصحة الصلاة شرعاً لكن تعبداً بهذه المقولة: الصلاة لا تترك بحال ـ والتي يظهر من سيدنا الأعظم أنها مسلمة بين الفقهاء ـ يأتي بالصلاة إيماء عند الخروج، فالحكم بصحة الصلاة غير واضح جداً وإن اشتهر بين كلمات الأعاظم (قدس).

أما ان هذا الخروج مباح فهذه المقولة أيضاً فاسدة لا يمكن القول بها؛ لأن معناه أن الكون في الخارج متوقف على الخروج ولكن الكون في الخارج ليس واجباً إنما الحرام هو البقاء في الأرض المغصوبة فلا بد من ترك هذا البقاء وهذا الترك متوقف على الخروج فحينئذ ترك الحرام متوقف على الحرام يعني ترك التصرف بالأرض المغصوبة متوقف عرفاً على الخروج وهو تصرف فيها أيضاً!

فإن قلنا بصحة المقولة وهي أن الصلاة لا تترك بحال فيؤتى بالصلاة بالإيماء ولكن يجب القضاء نظير ما قاله الفقهاء (رض) وقلناه أيضاً تبعاً لهم أن الإنسان لم يصل إلى أن ضايق الوقت فيجي عليه أن يتيمم ويصلي ولكنه يقضي بعد ذلك ولا يكتفي بهذه الصلاة.

التزم السيد الأعظم (رض) على ما يظهر من تقريرات درسه بأن السجود تصرف زائد في الأرض المغصوبة لأنه يسبب مكثاً أطول ولذلك وجب الاكتفاء بالإيماء بدلاً عن السجود والركوع.

والصحيح أن نقيد بالتمكن فإذا كان الانسان متمكناً من الركوع فلا بد من تحقق الركوع أثناء الخروج، وهذا الأمر يختلف بين الشخص والآخر.

ثم الظاهر من كلمات الفقهاء ومنهم اليزدي (رض) أن الصلاة إذا كانت بعد الندم وبعد التوبة فحينئذ تكون صحيحة وإلا فغير صحيحة.

وفيه أن الندم فعل قلبي داخل قلب الانسان وليس رفعاً لليد والفعل الحاصل بعد التوبة تصرف في أرض الغير.

فما يظهر من كلمات السيد اليزدي (رض) من أن الخروج إذا كان بعد الندم والتوبة يحكم بصحته ومال إليه بعض الفقهاء كالسيد حكيم الفقهاء أيضاً ذاك ليس صحيحاً أبداً وما أفادوه (رض) غير واضح يأتي الكلام فيه.


[1] أقول: ورد هذا التعبير في المستحاضة في مضمرة زرارة: ولا تدع الصلاة على حال؛ فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الصلاة عماد دينكم.، الكافي: 3/ 99، ولعلهم فهموه من التعليل في الذيل. المقرر
logo