« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة في فضاء مغصوب/مكان المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /الصلاة في فضاء مغصوب

 

قد ذكرنا في خدمتكم أن الأعلام خلطوا بين الاستخدام وبين الانتفاع، وهذه مشكلة دائرة في الأمثلة أو الفروع التي ذكرها اليزدي (رض).

ويمكن أن نجعل الاستعانة بمعنى الاستخدام، الاستعانة بشيء، فلان استعان بكذا، أيضاً يكون بمعنى استخدام.

ولكن الفرق بين الاستخدام والاستعانة أن الاستعانة فيها شرف لما يستعين به الإنسان بخلاف الاستخدام فإنه ليس فيه إشارة إلى شرف المستعان به.

ثم هناك مطلب آخر قبل أن نستمر في الفروع التي أفادها اليزدي (رض):

قال سيدنا الأعظم (رض) أن المحرم يمون بالقياس إلى إتلاف مال الغير، أو الاستيلاء عليه، أو التصرف، ولم يذكر (رض) الاستعانة والاستخدام.

من الأمثلة التي ذكرها السيد حكيم الفقهاء (رض) للاستعانة أن بعضها يكون بالتقرب وبعضها يكون بالمجاورة وبعضها يكون بالنظر وبعضها يكون بالصوت وبعضها يكون باللمس وهاهنا هذا الخلط موجود أيضاً، فهل يسمح الفقيهان (رض) أن يستخدم أحدهما خادم غيره، بدون إذن المالك؟ مع أنه لا يصدق عليه إلا التعاون حسب رأيهما، أما الاستيلاء والإتلاف والتصرف فلا.

فالخادم لا يزال تحت قبضة المخدوم ولكن استعنت به واستخدمته.

وقلنا إن التصرف بالدقة يكون بالمباشرة، وهذان العظيمان ملتفتان إلى ذلك، ففي الصلاة قالوا إن المكان إذا كان مغصوباً فالصلاة باطلة، يعني مماسة نفس الشيء الذي يملكه غيره في أثناء الصلاة، فهذا تصرف، وأما إذا كان هناك استخدام واستعانة ونحو ذلك مثل الخيمة ونحو ذلك فهاهنا لم يقولا بالبطلان!

وأصر العلمان (رض) على أنه في الصلاة إن كان اتحد بالسجود مع الأرض المغصوبة فهذا تصرف في المغصوب وأما إذا كان الحائط والسقف ونحو ذلك مغصوباً فليس تصرفاً.

ثم السيد الحكيم (رض) في ضمن كلماته اعترف بأن الجلوس على المكان المغصوب أيضاً تصرف، فإذا قبلت الجلوس لماذا لم تقبل بكون القيام تصرفاً؟ عجيب! فالجلوس على الأرض المغصوبة حرام ومبطل للصلاة ومنافٍ للتقرب والتعبد في الصلاة، فلمَ لا يكون القيام كذلك؟

وفرض السيد الأعظم أن يقف في الصلاة بين السماء والأرض ويصلي وهذا فرض محال.

والذي ينبغي أن يقال إن الاستخدام والاستعانة بالمفهوم المادي بينهما اشتراك ولكن الفرق بينهما في أن الاستعانة فيه إيماء إلى عظمة ما استخدمه واستعان به، وأما في الاستخدام فهذا المعنى غير موجود.

فالاستفادة والاستخدام والاستعانة حسب نظر خادمكم متقاربات.

بعد هذا التمهيد البسيط في خدمتكم نعود مرة أخرى إلى الفروع التي ذكرها اليزدي (رض) فذكر صورة ما لو صلى تحت قبة مغصوبة.

هناك آمن العلمان بأن الصلاة باطلة، وأما إذا كان فقط الحيطان والسقف مغصوبة فقد حكم العلمان السيد الأعظم والسيد الحكيم (رض) بصحة الصلاة وأنه لا يعد غصباً.

والسيد اليزدي (رض) أيضاً خلط بين التصرف والاستخدام فقال إذا صلى في قبة جدرانها أو سقفها مغصوب فإن صدق أنه تصرف..

وهذا التعبير فيه نحو من الوهم حيث جعل الاستخدام والاستعانة بمعنى تصرف.

والسر فيما أفاده السيد اليزدي (رض) هو تحكيم العرف في تحديد المصاديق، وقد ذكرناه مراراً.

السيد الحكيم قال بصحة الصلاة فيها وقال إنه ليس تصرفاً، ولكنه صرف نظره الشريف عن كونه استخداماً أو استعانة وكأن الاستعانة والانتفاع عنده متحدان معاً، وهذا اشتباه حسب تخيل خادمكم من الأعلام الثلاثة جميعاً السيد الأعظم والسيد الحكيم والسيد اليزدي.

من جملة الفروع التي أفادها اليزدي (رض) الصلاة على الدابة إذا كانت مغصوبة.

السيد الحكيم هاهنا اعترف ضمناً بأن الجلوس أيضاً داخل في التصرف، لأنه جلوس في المكان المغصوب، وهذا رجوع منه (رض) عما تقدم.

فقد تقرر عنده سابقاً أن بطلان الصلاة منحصر في السجود إذا كان السجود في أرض مغصوبة أما إذا لم يكن سجوداً كالقيام والجلوس فقد قال بصحة الصلاة، وهذا غريب جداً من هذين العظيمين خصوصاً!

وكذلك السيد اليزدي حكم ببطلان الصلاة إذا كان نعل هذا الفرس مغصوباً نعل من حديد أو شيء آخر موجود والسيد الحكيم أيضاً وافقه في ذلك والسيد الأعظم أيضاً!

غريب جداً أن العظيمين السيد الحكيم والسيد الأعظم وسعا في معنى التصرف ليكون هذا تصرفاً بنعل الدابة اجلكم الله.

شيء لم يذكره السيد اليزدي (رض) وهو إذا كان في رجل الفرس أو رقبة الفرس شيء مزيّن لها وهذا المزين كان مغصوباً، هل يقول ببطلان الصلاة أو لا؟

حكم بالبطلان إذا كان النعل والمقعد والرحل مغصوباً أما إذا كانت هكذا حالة أي شيء حول رجل الفرس أو حول رقبتها ومزيّن لها فلم يتعرض له كذلك حكيم الفقهاء والسيد الأعظم (رض).

أما عند خادم الطلبة فلا بد من التفصيل في هذه الحالة يعني إن كان استخداماً بمعنى أنه يريد يفتخر أن فرسه مزين بهذا فحينئذٍ هذا استعانة واستخدام، وقلنا ببطلان الصلاة باستخدام الغصبي ونحو ذلك.

وأما إذا لم يكن كذلك فحينئذٍ هذا ليس استخداماً فلا بد من القول بالتفصيل في المقام في هذا المثال الذي ذكرته في خدمتكم.

ثم أنه ذكر فرعاً آخر وهو أنه إذا صلى على أرض تحتها تراب مغصوب فحينئذٍ حكم اليزدي (رض) بالبطلان وإن كان بعيداً عن سطح الأرض عشرين ذراعاً مثلاً، ولكن إذا كان شيء آخر مدفوناً تحته، خشبة، لوحة، حديد، ذهب، فضة، أي شيء آخر مغصوب مدفون تحت الأرض، بعضهم يقولون ببطلانه، وهذا ما توقف فيه اليزدي (رض).

والذي ينبغي أن يقال: إذا كان عنوان الاستخدام يصدق عقلاً فحينئذٍ هذا ممنوع وهو مبطل للصلاة، وأما إذا لم يكن هناك استخدام أيضاً لا يصدق كما أن التصرف أيضاً لا يصدق.

كما آمن العلمان السيد الأعظم والسيد حكيم الفقهاء بأن التصرف في السجود على المغصوب حصراً حيث تكون المماسة مباشرة، أما الاستعانة بالحيطان ونحو ذلك فلم يقولا بأنه تصرف.

قلنا في خدمتكم أنهما لا يصرحا ببطلان صلاة بالاستعانة كذلك جاء الكلام في السفينة، التي يركب فيها، إن كانت كلها مغصوبة فحكم اليزدي (رض) بالبطلان وأما إذا كان فيها لوحة واحدة أو شيء آخر غير اللوحة فحينئذٍ لا يحكم ببطلان الصلاة!

السيد الأعظم فصل بينما إذا كانت الاستفادة بالسفينة متوقفة على هذه الخشبة فحينئذٍ حكم بالبطلان.

وقلنا في خدمتكم مراراً أن الاستعانة والاستخدام أيضاً داخل في الحكم، فدعوى التصرف في كل السفينة وهو يصلي في مكان معين ليس صحيحاً.

هذا أيضاً خلط من (رض) بين التصرف وبين الاستخدام، وبين التصرف والاستعانة ونحو ذلك فعلى هذا ما أفاده السيد الحكيم وكذلك السيد الأعظم وكذلك المصنف صاحب العروة (رض) في كل منهما غير واضح.

 

logo