« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

ستر العورة في الصلاة/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /ستر العورة في الصلاة

قال المصنف (رض) إن المصلي إن لم يجد ساتراً فيصح أن يصلي بالحفرة أو في الماء الكدر ونحو ذلك.

وذكرنا في المباحثة السابقة أن هناك خلطاً بين الستر عن الناظر وبين الستر الصلاتي.

وهنا حين شرط الأمر بعدم وجود الساتر لم يبين أن المقصود منه هو الساتر عن النظر أم الساتر المطلوب في الصلاة؟

ولعل السيدين الجليلين الحكيم والخوئي (رض) لم يعلقا على ذلك لشدة ظهور العبارة عندهما ما سبب خفاء علينا.

فكان على اليزدي (رض) أن يبين المقصود من الساتر على عادته في العروة.

والذي ينبغي أن نتأمل فيه أن الستر الواجب عن الناظر ما هو؟ والستر المطلوب في الصلاة ما هو؟

وكيف يكون الوقوف في الحفرة أو الماء الكدر ساتراً في الصلاة؟

ففي الماء الكدر يتحقق الستر عن الناظر ولكن الستر الصلاتي لا يتحقق كما مثلنا في الدرس السابق بمن يكون عارياً عارياً في غرفة.

فالستر الصلاتي لا بد أن يتحقق معه ستر الجلد واللون والشكل بل كما هو مفاد بعض النصوص ـ وإن كانت ضعيفةـ حتى ستر شبح العورة.

ثم إن الماء الكدر كيف يتصور معه السجود، مع أن السجود يؤتي به في صورة وجود الساتر؛ لأن الإيماء اختص بمن لم يجد.

وهذا مؤكد على أن الحفرة والماء الكدر إنما هي من قبيل الساتر عن الناظر لا الساتر الصلاتي.

مقتضى كونه ساتراً صلاتياً أن يأتي الإنسان بحركات الصلاة مع تحقق الستر، ولازم أن يتحرك الساتر مع جسد المصلي، فكيف يكون ذلك في الماء الكادر؟

كما أن كلامه يوهم أن الحشيش والورق يعتبران ساتراً في حالة الاختيار، لأنه ذيل كلامه بعد ذكر الحشيش والورق بقوله إن لم يجد ساتراً.

والعمدة هي صحيحة علي بن جعفر عليه السلام التي ذكرنا مراراً وكل مرة لجهة معينة:

وهي الرواية الأولى من الباب الخمسين من أبواب لباس المصلي:

روى الشيخ الطوسي (رض) بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العمركي البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليهم السلام)، قال: سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عرياناً وحضرت الصلاة، كيف يصلي؟ قال: إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم.

وقد تقدم منا الإشكال على كلام السيد الحكيم أيضاً ودعواه الإجمال في الرواية من جهة الاضطرار.

وذكرنا أيضاً أن إضافة الورق من عند الفقهاء وليس وارداً في النص.

نعم، يفهم من قوله عليه السلام: وإن لم يصب شيئاً، أن الورق ونحوه داخل.

فلا بد للمصلي في هذه الصورة أن يلف عورته حتى ما بين العورتين بهذه الأمور؛ لأن الإمام عليه السلام قال: أتم صلاته بالركوع والسجود، فإن لم يكن ما بين العورتين مستوراً انكشف حال السجود.

ولذا فمجرد وضع الحشيش أو الورق ونحوهما على آلة الرجل لا يكفي في تحقق الساتر.

ولذلك أيضاً اعترضنا على كون الماء الراكد ساتراً صلاتياً.

كما ينبفي التأمل في كلماتهم (رض) لفهم مطلب آخر.

وهو جواز المبادرة للصلاة في صورة فقدان الساتر، أو عدمه.

فإن كان يحتمل وجود الساتر أخر صلاته لتحصيله ـ فلو بادر مع احتماله ثم وجد ساتراً أعاد الصلاة ـ وإلا فيصلي مع عدم احتماله وصلاته صحيحة إن شاء الله.

logo