« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

ستر العورة في الصلاة/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /ستر العورة في الصلاة

ذكرنا بخدمتكم في الدرس السابق اشتراط السيد الأعظم (رض) كون الساتر ثوباً، بحيث لا يكفي غير الثوب للستر.

وقد استدل (رض) بروايات نعرضها بخدمتكم ونعيدها لبحث جانب آخر منها لم نتعرض إليه.

منها الرواية الأولى من الباب الثاني والعشرين من أبواب لباس المصلي:

عن محمد بن مسلم قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) صلى في إزار واحد ليس بواسع قد عقده على عنقه، فقلت له: ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفاً فلا بأس به.

عنوان القميص يفهم منه الثوب وهذا ورد في كلام الراوي، والسؤال عن صحة الصلاة بقميص واحد.

وكذلك في فعل الإمام عليه السلام، فقد صلى في إزار واحد.

هكذا فهم سيدنا الأعظم ولعله (رض) ـ والله العالم ـ ناظر إلى كلام السيد حكيم الفقهاء (رض)؛ إذ جوز الصلاة بالحشيش كما ذكرنا، فكأنه رداً عليه اشترط كونه ثوباً.

ولكن فعل الإمام عليه السلام الذي استدل به لا يدل إلا على كونه صلى بإزار واحد ولكنه لم يشترط كونه ثوباً.

والفرق بين المعنين واضح، أن يصلي في ثوب واحد شيء واشتراط كونه ثوباً شيء آخر.

كذلك نفس الكلام يأتي في جواب الإمام عليه السلام.

ومنها: الرواية الثانية من نفس هذا الباب:

عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصلي في قميص واحد أو قباء طاق، أو في قباء محشو وليس عليه أزرار؟ فقال: إذا كان عليه قميص صفيق أو قباء ليس بطويل الفرج فلا بأس، والثوب الواحد يتوشح به، والسراويل كل ذلك لا بأس به، وقال: إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقه شيئاً ولو حبلاً.

فالسؤال عن الثوب الواحد، وليس عما لا يسمى ثوباً، حتى يستفيد منه سيدنا الأعظم (رض) ما استفاده.

ومنها: الرواية الخامسة من نفس هذا الباب:

روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن عبديل، عن ابن سنان، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الرجل إذا اتزر بثوب واحد إلى ثندوته صلى فيه.

هذه أيضاً موضوع حكمها الثوب الواحد، فالملحوظ فيه وحدة الثوب، لا تحديد نوع الساتر، بل ليس فيه ما يدل على ما استفاده سيدنا الأعظم (رض) أصلاً.

ومنها: الرواية الرابعة من الباب الثامن والعشرين من أبواب لباس المصلي:

روى شيخنا الصدوق (رض) بإسناده عن يونس بن يعقوب، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم، قال: قلت: فالمرأة؟ قال: لا، ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار، إلا أن لا تجده.

هنا أيضاً الملحوظ كون الثوب واحداً، وليس في تحديد نوع الساتر واشتراط كونه ثوباً.

فدعوى سيدنا الأعظم واستدلاله بهذه الروايات الشريفة غريب جداً.

وأما حكيم الفقهاء (رض) من جواز الصلاة في الحشيش.

نحن وإن كنا نسلم لنفس حكم جواز الصلاة بالحشيش ولكن الكلام فيما استدل به (رض).

وهو الرواية الأولى من الباب الخمسين من أبواب لباس المصلي:

روى شيخنا الطوسي بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العمركي البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليهم السلام)، قال: سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عرياناً وحضرت الصلاة، كيف يصلي؟ قال: إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم.

من هذه الرواية استفاد حكيم الفقهاء (رض) صحة الصلاة بالحشيش في حالة الاختيار، وذكر (رض) أن في كلام الإمام عليه السلام لا يوجد قيد عدم وجدان الثوب، بل جاء في سؤال السائل.

وإذا لم يذكر هذا القيد فالرواية تكون مجملة من اشتراط صحة الصلاة بالحشيش فقدان الثوب أو لا، فيكون الشك في صحة الصلاة إما من حيث المادة وإما من حيث الهيئة.

ولا أظن حكيم الفقهاء (رض) يشك في صحة الصلاة من حيث المادة فلو كان الساتر من قشر النخل أو غيره لا يكون الكلام فيه.

فالكلام ليس من حيث المادة بل من حيث الهيئة، فهل يشترط كون الساتر مصنوعاً بهيئة الثوب أو لا، هنا يكون الشك.

يقول (رض) مقتضى القاعدة أصالة البراءة.

أقول: ادعى (رض) أن فقدان الثوب لم يذكر في كلام الإمام عليه السلام، وهو غريب جداً.

سؤال الراوي واضح، عن رجل بقي عرياناً لم يبق له شيء، وجواب الإمام عليه السلام على طبق السؤال، فهل يتصور أن جواب الإمام عليه السلام جواب عن شيء آخر؟

غير واضح كيف استفاد (رض) هذا المعنى.

ثم إن الشك من حيث الهيئة لا يقع إذا جوزنا الصلاة في الساتر فقط، فالإطلاقات الواردة كافية، فكيف يفرض الشك في هيئة الساتر.

فالنتيجة أن كلام العلمين (رض) أي تقييد الساتر بكونه ثوباً والاستدلال بهذه الرواية غريب جداً.

والذي ينبغي أن يقال إن ما يستفاد من الروايات الاكتفاء بكونه ساتراً فقط، أما هذه التقييدات فلا دليل عليها.

logo