« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

وجوب تحصيل الساتر في الصلاة/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /وجوب تحصيل الساتر في الصلاة

ذكرنا أبحاثاً فرعية كثيرة متعلقة بالساتر في الصلاة، ولكن الكلام الآن في أصل وجوب الساتر.

والبحث متفرع على الكلام في كون الساتر مقدمة للصلاة، فيكون البحث في وجوب مقدمة الواجب.

سيدنا الأعظم أنكر وجوب المقدمة شرعاً وحكم بوجوبها عقلاً، وخادم الطلبة التزم بوجوبها شرعاً.

وهذا كل على مبناه.

وإنما الكلام في كون مسألة تحصيل الساتر هل هي من باب مقدمة الواجب أم لا؟

حكيم الفقهاء لم يتعرض لهذا البحث، والسيد الأعظم التزم بكونها مقدمة وبوجوبها عقلاً.

والذي لا بد أن يقال أن خادم الطلبة ذهب إلى أنها ليست مقدمة بل واجب استقلالاً.

والفرق بين أصل الواجب وبين المقدمة تعرضنا له في بحث المقدمة، ولكن لا من التأمل في المقام.

إن كان معنى المقدمة هو ما يتوقف عليه الواجب، فحينئذٍ يكون تحصيل الساتر مقدمة.

من هنا يأتي تقسيم المقدمة إلى داخلية وخارجية كما فعل صاحب الكفاية، والتزم بوجوب المقدمة، وذاك بحث آخر.

وإما إن كان الشيء مطلوباً شرعاً بنفسه دون ملاحظة توقف واجب آخر عليه، فحينئذٍ إطلاق المقدمة عليه غير واضح.

وإن صرح علماؤنا الأبرار بالمقدمية، ولكن تحصيل الساتر من الواجبات الشرعية، وهذا هو الذي يستفاد من الأدلة.

ولذا توقفنا في جعل الوضوء مقدمة للصلاة، لأن الوضوء بنفسه مطلوب شرعاً.

قال تعالى:

﴿إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم﴾([1] ).

نفس تعلق الأمر دال على كونه واجباً كالصلاة، لا أن الصلاة تتوقف على الوضوء حتى يكون مقدمة لها.

ومن هنا يقع البحث في اشتراط قصد القربى في الوضوء، فإن قلنا إنه مقدمة فإثبات اعتبار قصد القربى يحتاج إلى دليل، وإن قلنا بأنه واجب ـ وإن توقف واجب آخر عليه.

فعليه صدق عنوان المقدمة على الساتر في الصلاة محل كلام.

فإذن الصحيح أنه واجب لا مقدمة.

نعم، إن قلنا بأن تحصيل الساتر للصلاة مقدمة فيقع نفس الكلام في إثبات اعتبار قصد القربى فيه.

فالصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أن تحصيل الساتر واجب بنفسه، وإن توقف أصل الصلاة على تحصيله إلا أن ذلك لا يقتضي جعله مقدمة، كما أن صلاة الظهر واجب مستقل مع أن صحة صلاة العصر متوقفة على صلاة الظهر.

كيف ما كان، فقد التزمنا بما التزم به اليزدي (رض) من وجوب تحصيل الساتر في الصلاة ولكنه لم يصرح بكونه مقدمة أم لا.

فكلام سيدنا الأعظم (رض) من كونه مقدمة غير واضح.

ثم يقع الكلام في كون الساتر ضررياً أو حرجياً.

كلمات بعض الأعلام فيها خلط بين الضرر والحرج، ومن فسر غرائب الحديث والقرآن فرق بين المعنيين.

ولكن في كلمات السيد اليزدي وحكيم الفقهاء والسيد الأعظم عطف الضرر على الحرج، وجعلهما بحكم واحد، وهو عجيب!

فقد تكون بعض الموارد فيها ضرر ولا حرج فيها.

وعوداً على أصل الحكم، فقد اعتبر حكيم الفقهاء (رض) أن أصل الحكم مبني على الضرر فهمها بلغ الضرر من المراتب لا بد من تحمله.

ثم بعدها توقف في هذا الحكم عموماً، والتزم بأنه إم كان ضررياً فالوجوب يسقط ولا شيء عليه، ولكن مقتضى الإجماع وجوب القضاء.

وقلنا إن مقتضى الأدلة وجوب الستر، وإذا كان الساتر واجباً شرعاً، وحينئذٍ يأتي الكلام في سقوط هذا الوجوب إن كان ضررياً أو حرجياً؟

وذكرنا أن الفقهاء الثلاثة خلطوا في التعبيرات، وأما عند خادم الطلبة لا بد من التفصيل في المقام:

فنقول إذا كان ضررياً فلا بد من تحمله إن كان الإنسان متمكناً من ذلك.

أما لو كان حرجياً كمن يشتري ساتراً ويبقي عياله بلا طعام فمقتضى القاعدة أنه لا يجب يتحمله ووجوبه يرتفع.

وأما من يترتب على تحصيله الستر انتهاكه أو إهانته أو منة، فقد توقف حكيم الفقهاء والسيد الأعظم (رض) في ذلك.

فالنتيجة أنه لا بد من التفصيل بين الضرر والحرج.

مسألة جديدة:

لباس الشهرة حرام على المكلف والتفصيل نتركه للدرس القادم.

وأما الروايات التي منعت منه، فمنها: الرواية الأولى من الباب الثاني عشر من كتاب الصلاة:

عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله يبغض شهرة اللباس.

وكذا الرواية الثانية:

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يشهره، أو يركب دابة تشهره.


logo