46/03/06
صلاة الخنثى المشكل بالحرير/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي / صلاة الخنثى المشكل بالحرير
بقي الكلام في الخنثى المشكل في قضية لبس الحرير، فهل يجوز لها ذلك أم لا؟
ومن الواضح أن الخنثى الملحقة بالرجل حكمها حكم الرجل، والملحقة بالمرأة حكمها حكم المرأة، إنما المشكلة في الخنثى المشكل هل نلحقها بالرجل فلا يجوز لها لبس الحرير أم بالمرأة فيجوز؟
وقد تعرض الأعلام (رض) لهذا البحث في طيات كلماتهم.
كلام حكيم الفقهاء في المقام
أما حكيم الفقهاء فقد رتب البحث على العلم الإجمالي باعتبار أنا نعلم إجمالاً كون هذه الخنثى رجلاً أو نعلم إجمالاً كونها امرأة.
ولا يخفى أن هذا الكلام مترتب على إدراج الخنثى تحت الرجل أو المرأة، وإلا فلو كانت الخنثى قسماً ثالثاً فالكلام أجنبي عن المقام.
كلام السيد الخوئي في المقام
وأما سيدنا الأعظم فقد بنى البحث على الرجوع إلى أصالة البراءة فيما لو دار الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، وقد أدرج الخنثى فيه باعتبار الشك في الرجولية التي هي موضوع بينهما.
وعليه عند الشك في حرمة لبس الحرير على الخنثى، يتمسك بأصالة البراءة عن الحرمة التكليفية والوضعية.
وهذا مع قطع النظر عن العلم الإجمالي كما أفاد (رض).
كما تمسك بالرواية الثانية من الباب الحادي عشر من أبواب لباس المصلي:
عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب (عليه السلام): لا تحل الصلاة في حرير محض.
وهي رواية صحيحة، والسيد الأعظم قد تمسك بالإطلاق هذا الحديث، بناء على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية بتصوير أنه قبل أن يوجد لم يكن مكلفاً، وحين الشك فهو شك في كونها امرأة وهو أمر وجودي فيستصحب العدم، فيحرم عليه لبس الحرير إلا في الحرب.
ولنا ملاحظات على ما أفاد (رض):
الاعتراض الأول على السيد الخوئي
أولاً مع الاتفاق معه (رض) في كون الرجوع إلى البراءة إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، ولكن النقاش في الصغرى، فهل الخنثى من مصاديق هذا البحث؟
فقد ذكرنا مفصلاً في بحث الأصول أن المشكوك إذا كان مستقلاً بالحكم مع غض النظر فهو من باب الأقل والأكثر الاستقلالين، وأما إذا كان محكوماً بالأكثر أو ليس له حكم فهو من باب الارتباطيين.
فالخنثى المشكل لو لم تلحق بالرجل أو المرأة فهل لا يكون لها وجود أو حكم؟ حتماً ليس كذلك! فإدخاله في بحث الأقل والأكثر الارتباطيين غريب منه (رض).
نعم، نلتزم بجريان البراءة في الحكم التكليفي إذا قلنا أنها من باب الأقل والأكثر الاستقلاليين.
وقد بينا في الأصول أن أصالة البراءة أيضاً لا تجري في الأحكام الوضعية.
الاعتراض الثاني على السيد الخوئي
ثانياً ما أفاده (رض) من الاستدلال بصحيحة محمد بن عبد الجبار، وقد جعلها دليلاً على كون المخنث المشكل يلحق بالرجل، بناء على الاستصحاب الأزلي.
وقد ذكرنا في الأصول، أنه هذا الصنف من الاستصحاب بنفسه غير معقول أصلاً؛ لأن أدلة حجية الاستصحاب ـ التي أخذناها من الأخبار لا من الأدلة العقلية كما قال العلامة (رض) ـ لا تتناول الأعدام.
ولو تنزلنا وقلنا بجريان هذا الصنف من الاستصحاب، ولكن نفس المثال فيه كلام؛ فكما يمكن أنه ليس امرأة باستصحاب العدم الأزلي كذلك يمكن إثبات عدم كونه رجلاً بنفس الاستصحاب!! فمن أين الترجيح لجهة إثبات كونه رجلاً!!
وعند ذلك يكون التعارض بين هذين الاستصحابين، فيلجأ إلى الأصول العملية لو وجدت!
فتمسكه باستصحاب العدم الأزلي في المقام غريب جداً.