« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

47/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

/ قاعدة لا ضرر/الأصول العملية

الموضوع: الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر/

 

الوجه الثاني: إنَّ جملة (لا ضرر) غير مرتبطة بالشفعة، لأنَّ الضِّرار عبارة عن الاصرار على الضرر، وبيع الشريك وإن كان فيه ضرر وضيق على شريكه وطُبقت عليه القاعدة لكنه ليس فيه إصرار على الضرر.

وجوابه: يكفي في صحة انطباق الحديث على مورد الشفعة انطباقه بلحاظ (لا ضرر) وإن لم ينطبق عليه بلحاظ (لا ضرار)، هذا لو سلّمنا أنه بمعنى الاصرار على الضرر.

الوجه الثالث: إنَّ الترابط بين القاعدة وبين جعل حق الشفعة إما أن يكون بلحاظ كون الضرر علة له، وإما بلحاظ كونه حكمة لتشريعه، وكلاهما باطل فيثبت عدم الارتباط، أما الأول فلأنَّ الضرر إذا كان علة فلابد أن يدور هذا الحكم مداره وجوداً وعدماً لأنَّ هذا هو شأن العلة، مع أنَّ هذا غير متحقق في المقام لما تقدم من أنَّ بين موارد ثبوت الشفعة وتضرر الملك بالبيع عموم من وجه، وأما الثاني فلأنَّ وقوع الضرر على الشريك أمر إتفاقي، وحكمة التشريع وإن كان لا يعتبر فيها أن تكون دائمية لكن يعتبر فيها أن تكون غالبية، فإنَّ الضرر الاتفاقي ليس بتلك الأهمية لكي يجعل له حكم كلي لئلا يقع فيه الناس.

ويلاحظ عليه: بما تقدم من احتمال أن يكون المراد بالضرر المنفي ليس هو الضرر الحاصل من الشريك وإنما الضرر الحاصل من نفس الشركة، ومن الواضح أنَّ ما يحصل من الضرر بنفس الشركة ليس أمراً اتفاقياً حتى لا يصلح أن يكون حكمة للتشريع، إذن لا مانع من أن يكون حكمة للتشريع في مورد الشفعة، نظير عدم اختلاط المياه بالنسبة الى تشريع العدة، والتفقه في الدين بالنسبة الى تشريع الحج والعمرة، بل يمكن أن يكون علة لا حكمة باعتبار أنَّ الضرر بالمعنى السابق دائمي لا غالبي لأنه يحصل من نفس الشركة ولو بقاءً، بمعنى أنَّ الشركة وإن كانت موجودة والضرر على الشريك حاصل إلا أنَّ استمرارها وبقاؤها فيه ضرر على الشريك.

وعلى تقدير أن يكون حكمة فهل يمكن الالتزام باختلاف الضرر من حيث كونه علة أو حكمة باختلاف الموارد، فيكون حكمة في مورد الشفعة وعلة في مورد آخر كما في قضية سمرة بن جندب، أو لا يمكن الالتزام بذلك؟

ثم المدار في الضرر هل هو الضرر النوعي أم هو الضرر الشخصي، أو يُفصّل بين العبادات فيقال إنَّ الضرر فيها شخصي وبين غيرها فيكون الضرر فيها نوعياً، من قبيل خيار الغبن الذي قد لا يكون فيه ضرر شخصي؟

ذهب الشيخ الأعظم والمحقق النائيني والمحقق العراقي الى أنَّ الضرر في القاعدة شخصي.

وهل الضرر الشخصي يلازم كونه علة للحكم أو لا؟

وللجواب عن ذلك نقول:

لابد من الالتفات الى أنَّ الضرر قد يحصل لشخص معين أو أشخاص معينين ويكون موجباً لرفع الحكم الضرري عنهم فقط، وقد يحصل لشخص أو أشخاص مُعينين لكنه يوجب رفع الحكم عن غيرهم، ومن الواضح أنَّ العلية والاستناد الى هذا الضرر يكون مقبولاً ومعقولاً بلا حاجة الى توسط شيء، فيستند الرفع عن هؤلاء الى الضرر الموجود، ولكنه غير معقول في القسم الثاني لأنَّ الضرر غير موجود في الجميع بحسب الفرض، فرفع الحكم عن الجميع استناداً الى الضرر الموجود في البعض غير مقبول، ومثاله المعاملة الغبنية توجب الخيار للمغبون حتى لمن لا يتضرر بها، وذلك للضرر النوعي الحاصل منها.

والخلاصة إنَّ الاستناد والتعليل إن كان بلا واسطة كما في القسم الأول فهو من قبيل العلة، وإن كان مع الواسطة كما في القسم الثاني فهو من قبيل الحكمة، والضرر في الأول يكون شخصياً بينما في الثاني يكون نوعياً.

هذا كله على تقدير تسليم توقف استفادة الحرمة التكليفية من الحديث على وروده مستقلاً، وأما إذا قلنا إمكان استفادة ذلك حتى إذا كان ورد مرتبطاً بحديث الشفعة مثلاً فلا موقع حينئذٍ لهذا البحث، كما أنَّ اثبات استقلالية الحديث لا يعني انحصار تفسيره بنفي الحكم الضرري.

هذا كله في الطائفة الثانية.

وأما الطائفة الثالثة فهي المراسيل التي وردت فيها القاعدة، فقد يقال بوقوع التهافت فيها لورود قيد (في الاسلام) في بعضها دون البعض الآخر، لكنّك خبير بأنَّ ذلك بلا موجب، لأنَّ التهافت إنما يكون مع افتراض وحدة الرواية والقضية المنقولة، ولا دليل على ذلك هنا لاحتمال تعدد الرواية وتعدد الواقعة.

الى هنا تم الكلام في المقام الثاني.

المقام الثالث: في معنى مفردات القاعدة ومعنى الهيئة التركيبية لها.

أما المفردات فهي عبارة عن (الضرر) و (الضِّرار) والكلام تارة يقع في المادة أي (ض ، ر) وأخرى يقع في الهيئة الإفرادية للضرر والضرار، وثالثة يقع الكلام في الهيئة التركيبية لمجموع الضرر والضرار، فالكلام يقع في أمور ثلاثة.

 

logo