« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

47/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

/ قاعدة لا ضرر/الأصول العملية

الموضوع: الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر/

 

ذكرنا أنَّ ما يُستدل به على حجية الظواهر هو عبارة عن سيرة المتشرعة بالمعنى الأعم، وتبين أنَّ عملهم بالظواهر قائم على أساس الظن النوعي لا على أساس الظن الشخصي.

الدليل الثاني:

السيرة العقلائية:

لا إشكال في انعقاد سيرة العقلاء على الأخذ بالظواهر ولذا لا يتقيدون في مقام المحاورة وفهم مراد المتكلم بالنصية والصراحة، وهذا ثابت في أغراضهم التكوينية، وكذا في أغراضهم التشريعية فيما بينهم، وهو قائم على أساس الظن النوعي لا على أساس الظن الشخصي أو الاطمئنان الشخصي، ولذا يعتبرون كلام المولى حجة على العبد إذا كان ظاهراً في المعنى، حتى مع افتراض حصول الظن الشخصي بالخلاف عند العبد فضلاً عن عدم حصول الظن الشخصي بالوفاق، وكذا العكس فيكون ظهور كلام المولى معذراً للعبد أمام مولاه، وسيرة المتشرعة المتقدمة تؤيد ما ذكرناه فأنها تبتني على أساس نكاتٍ عقلائية، أي على أساس الظن النوعي.

ومن هنا يظهر أنَّ الدليل على حجية أصالة الظهور يدل على الحجية بملاك الظهور النوعي، فإذا كان الكلام ظاهراً كذلك عند العرف فيكون حجة، ولا يشترط في حجيته حصول الظن بالوفاق أو عدم حصول الظن بالخلاف.

هذا كله في البحث الأول، وهو الدليل على حجية أصالة الظهور.

البحث الثاني: في جريان الدليل المتقدم في أصالة عدم الزيادة أو عدم جريانه، وبعبارة أخرى هل هناك سيرة عقلائية أو متشرعية على العمل بأصالة عدم الزيادة أو لا؟

فالكلام يقع في أصل قيام السيرة على العمل بأصالة عدم الزيادة كما قامت السيرة على العمل بسائر الأصول اللفظية الأخرى، كما في الأخذ بالعموم عند احتمال التخصيص، أو الأخذ بالإطلاق عند احتمال التقييد، أو الأخذ بالحقيقة عند احتمال التجوز...الخ

والجواب: تارة يدعى قيام السيرة على العمل بأصالة عدم الزيادة بشكل مستقل عن باب الظهور وعن باقي الأصول اللفظية الأخرى وهو غير صحيح، لأنَّ هذه الأصالة ترتبط بتحديد المعنى المراد من الفاظ الرواية، وبالتالي ترتبط بتحديد مراد المتكلم، فعلى تقدير وجود السيرة عليها فلابد أن يكون ذلك من باب الظهور، ولا مجال لفرض شيء آخر، وتمامية هذه الدعوى تتوقف على إثبات أنَّ أصالة عدم الزيادة هي من باب الظهور كما هو الحال في باقي الأصول اللفظية، وعليه نقول: لا إشكال في أنَّ الرواية المشتملة على الزيادة ظاهرة في وجودها بل صريحة في ذلك، فلا مانع من دعوى وجود سيرة على الأخذ بهذا الظهور، وهذا مسلَّم إلا أنه معارض بما هو حجة، وهو الروايات الخالية من الزيادة، فإنها ظاهرة أيضاً في عدم وجود الزيادة، فكل منهما ظاهر إلا أنه ليس ظهوراً في التقديم.

نعم قد يدعى ظهور مجموع الروايتين في تقديم الرواية المشتملة على الزيادة على الرواية الخالية منها، ويستدل على ذلك بالوجه الأول المتقدم وهو صراحة الرواية المشتملة على الزيادة مع ظهور الرواية الخالية من الزيادة، فيقدم الصريح على الظاهر بمقتضى الجمع العرفي.

وقد تقدم جوابه، وأنه يصح إذا كان هناك كلامان لمتكلم واحد، وفي المقام الكلام الصادر واحد إما مع القيد أو بدونه، فلا يأتي فيه قانون الجمع العرفي.

وعليه فلا مجال لإدراج المقام في باب الظهور حتى يدعى أنَّ ذلك بملاك الظن النوعي، فلا موجب لملاحظة تكافؤ الاحتمالين أو أرجحية هذا الاحتمال على ذاك أو العكس، إذن لابد أن تكون دعوى التقديم قائمة على أساس آخر، وهو لا يخلو من أحد أمرين:

الأول: أن يكون قائماً على أساس الترجيح بلحاظ درجات الكشف والظن الشخصي، فيدعى أنَّ الزيادة توجد فيها خصوصية توجب أقربية صدورها من النقيصة، أي أنَّ احتمال وجود الزيادة يكون أكبر من احتمال عدم وجودها فيتم التقديم على هذا الأساس، ومن الواضح أنَّ التقديم حينئذٍ يكون مشروطاً بعدم وجود خصوصيات في النقيصة أوجبت رجحانها على الزيادة، لأنَّ المفروض أنَّ الترجيح بلحاظ درجات الكشف والظن الشخصي فلابد من ملاحظة كل ما يوجب الترجيح في هذا الطرف أو في ذاك.

ويُستدل هنا بالوجهين المتقدمين، أي الثاني القائل بأنَّ الزيادة ليس لها إلا أحد منشأين إما الكذب أو الغفلة وهما منفيان بدليل الحجية وبالأصل العقلائي، وأما النقيصة فلها مناشئ كثيرة لا نافي لها، والوجه الثالث القائل بأنَّ حذف الزيادة أقرب من إضافة شيء غير موجود، ولكن تقدم الجواب عن كلا الوجهين.

 

logo