« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

47/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

/ قاعدة لا ضرر/الأصول العملية

الموضوع: الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر/

 

كان الكلام فيما يُستدل به للمشهور من تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة، والذي يثبت الرواية المشتملة على الزيادة على الرواية الخالية منها، وتقدم ذكر الوجه الأول، وحاصله:

إنَّ الرواية المشتملة الزيادة صريحة في وجود الزيادة، بينما الرواية الخالية منها ظاهرة في عدم وجود الزيادة، فيحمل الظاهر على الصريح، وهو يعني التصرف في الظاهر لصالح الصريح، ومثال ذلك ما إذا دلَّ دليل على جواز شيء ودلَّ دليل آخر على طلب ذلك الشيء فيحمل الثاني على الاستحباب، وكذا لو دلَّ الثاني على النهي عنه حُمل على الكراهة، فيقال إنَّ ما دلَّ على الجواز صريح وما دلَّ على النهي ظاهر في عدم الجواز فيُحمل على الكراهة، والمقام من هذا القبيل.

ويلاحظ عليه: أنَّ الجمع العرفي المذكور يكون في كلامين يُحرز صدورهما - ولو تعبداً - من المتكلم الواحد، أحدهما صريح في شيء والآخر ظاهر في خلافه، فنتصرف في الظاهر لصالح الصريح، وننتهي الى تحديد مراد المتكلم وهو الجواز مع الكراهة، وحينئذٍ نقول المقام ليس من هذا القبيل لأننا نحرز صدور أحد الكلامين فقط إما الكلام المشتمل على الزيادة أو الخالي عنها، فلا مجال لهذا الجمع العرفي.

نعم نحن نحرز صدور هذين الكلامين تعبداً من متكلمين اثنين وهما الراويان لكن هذا الجمع لا يجري أيضاً لاشتراط وحدة المتكلم، ومن هنا إذا شهدت بينة صراحة على طهارة شيء، وشهدت بينة أخرى بظهورها على نجاسته فلا يصح الجمع العرفي بينهما بالنحو المتقدم كما هو واضح.

الوجه الثاني: إنَّ الزيادة على تقديرها ليس لها منشأ إلا الغفلة أو الكذب وكل منهما منفي بالدليل، أما الكذب فمنفي بدليل حجية خبر الثقة، وأما الغفلة فبأصالة عدم الغفلة، في حين أنَّ احتمال النقيصة ليس كذلك إذ له مناشئ أخرى كالاختصار في النقل، وعدم كون الراوي في مقام بيان الزيادة، وتوهم عدم تأثير الزيادة في المعنى، ومن هنا يكون احتمال وقوع النقيصة في الرواية غير المشتملة على الزيادة أقوى من احتمال الزيادة في الرواية الأخرى، وهما منفيان بقواعد وأصول معتبرة يبني عليها العقلاء، ومن هنا يكون احتمال وقوع النقيصة في الرواية الخالية من قيد (على مؤمن) أقوى من احتمال الزيادة في الرواية المشتملة عليها.

ويلاحظ عليه:

أولاً: إنَّ مناشئ الزيادة لا تنحصر في هذين الأمرين، فقد تنشأ من النقل بالمعنى، فينقل الراوي الزيادة باعتبار ما يفهمه من القرائن، ومثاله ما لو قال المتحدث (يحرم الربا في الاسلام) بزيادة قيد (في الاسلام) من جهة القرائن العامة التي لاحظها مع عدم وجودها في النص، ولا يستشعر الحزازة في ذلك، وقد تكون هناك مناشئ أخرى يعثر عليها بالتأمل، وعليه فلا يتم هذا الوجه.

وثانياً: المفروض في محل الكلام أنَّ الزيادة دخيلة في المعنى، فالمعنى مع الزيادة يختلف عنه مع عدمها، وحينئذٍ يقال إنَّ النقيصة أيضاً ليس لها منشأ إلا الكذب أو الغفلة كما هو الحال في الزيادة، وهما منفيان بحجية خبر الثقة وأصالة عدم الغفلة، والوجه في ذلك أنه مع افتراض صدق الراوي بأدلة الحجية وعدم غفلته عن الزيادة ودخلها في المعنى بأصالة عدم الغفلة لا مجال لافتراض المناشئ الأخرى مثل الاختصار أو عدم كون الراوي في مقام نقل الزيادة لأنَّ هذه خيانة في النقل المنافي للأمانة.

الوجه الثالث: إنَّ غفلة الانسان عن الزيادة عن السماع أو النقل أكثر من غفلته من زيادة شيء غير موجود، فاحتمال زيادة شيء غير موجود تكون أضعف بكثير من إسقاط شيء موجود، وهذه قضية وجدانية، وهذا لصالح الخبر المشتمل على الزيادة.

logo