46/10/16
حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية
النتيجة:
ظهر مما تقدم أنَّ الصحيح هو كفاية المسانخة وحدها في صدق الزيادة في المسمى عرفاً، ومنه يظهر أنَّ حال المسمى في المركبات الاعتبارية هو كحاله في المركبات الخارجية، وأما الزيادة في الواجب فالظاهر هو التوقف على كلا الأمرين المسانخة وقصد الجزئية فإذا جاء بركوعين وقصد الجزئية في الثاني صدقت الزيادة في الواجب لأنَّ الواجب في الصلاة هو الركوع بقصد الجزئية فالزيادة فيه لا تكون إلا بالإتيان بما يسانخه، وأما الاتيان بالمسانخ بلا قصد الجزئية أو الاتيان بغير المسانخ حتى مع قصد الجزئية فلا يحقق الزيادة في الواجب ، إذن المسانخة معتبرة حتماً وأنها تكفي وحدها في المركبات الخارجية، وكذا في المركبات الاعتبارية تكفي في تحقق الزيادة في المسمى، وأما في صدق الزيادة في الواجب فهي لا تكفي بل لا بد من قصد الزيادة في المركبات الاعتبارية.
وتلخص أنه في المركبات الاعتبارية التي هي محل الكلام لا بد من التفريق بين الزيادة في المسمى والزيادة في الواجب، فالزيادة في المسمى يكفي في تحققها المسانخة وحدها ولا تتوقف على قصد الجزئية، وأما الزيادة في الواجب فإنها لا تصدق بمجرد المسانخة بل لا بد من قصد الجزئية.
وعلى ضوء ذلك نقول: عرفتَ أنَّ أخذ الجزء في المركب في مقام يتصور على إنحاء ثلاثة:
النحو الأول: أن يؤخذ بشرط عدم الزيادة.
النحو الثاني: أن يؤخذ لا بشرط من جهة الزيادة لكن بنحو لو زِيد عليه يكون الزائد داخلاً في المركب.
النحو الثالث: أن يؤخذ لا بشرط من جهة الزيادة لكن بنحو لو زِيد عليه فالزائد لا يكون جزءاً من المركب ، كما إذا أُخذ الجزء بنحو صرف الوجود فإنه ينطبق على الوجود الأول فقط فيكون الثاني زيادة فيه.
ومن هنا قلنا أنَّ الاشكال المتقدم يختص بالنحوين الأول والثاني، أما النحو الأول فلا يمكن تصور الزيادة فيه لما قالوه من أنَّ الزيادة ترجع الى النقيصة لأنَّ الجزء فيه هو الجزء بشرط عدم الزيادة ومع فرض الزيادة يختل الشرط فلا يتحقق الجزء فيرجع الى النقيصة، وفي النحو الثاني لا تتصور الزيادة أيضاً لأنَّ أي وجود آخر غير الأول يكون مصداقاً للواجب لأنَّ الواجب هو الطبيعة الجامعة بين الوجود الواحد والوجود المتعدد ، أما في النحو الثالث فيمكن تصور الزيادة لأنَّ الجزء أُخذ بنحو صرف الوجود وهو ينطبق على الوجود الأول فيكون الثاني زيادة فيه.
إذا اتضح ذلك نقول:
أما النحو الأول فلا اشكال في كون الزيادة مبطلة فيه لكن لا من جهة الزيادة وإنما من جهة نقص الجزء وفقدانه لشرطه فلا يكون الجزء متحققاً وهذا يوجب البطلان.
وأما النحو الثاني فلا تتصور الزيادة فيه فلا إشكال في عدم البطلان.
وأما النحو الثالث فهنا يمكن تصور زيادة الجزء فالإتيان بالركوع الثاني يكون زيادة في الصلاة.
ومنه يظهر أنَّ البحث عن بطلان الصلاة بزيادة الجزء وعدمه لا يأتي في الفرضين الأول والثاني وإنما يأتي في الفرض الثالث فقط، وهنا يمكن أن يقال بل يتعين أن نقول إنَّ البحث في المقام لا يتوقف على صدق عنوان الزيادة بل يجري البحث إذا شككنا في مبطلية ما يأتي به المكلف وإن لم يصدق عليه عنوان الزيادة لأنَّ البحث ليس بحثاً فقهياً حتى يقال إنَّ الأدلة دلت على مبطلية الزيادة في المكتوبة فلا بد من احراز تحقق الموضوع حتى يمكن الاستدلال بهذه الأدلة على البطلان، وإنما هو بحث أصولي الكلام فيه يقع عن مقتضى الأصل العملي عند الشك في المبطلية والمانعية، وهذا لا يتوقف على صدق عنوان الزيادة على ما يأتي به المكلف، فلو أتى بفعل في الصلاة وشككنا في كونه مانعاً دخل في هذا البحث.
والحاصل إنَّ البحث تارة يقع في حكم الزيادة في المكتوبة وهذا بحث فقهي تُراجع فيه الأدلة الاجتهادية الدالة على حكم الزيادة في الصلاة، وأخرى يقع في حكم الشك في مبطلية الزيادة بأن لم تثبت بالأدلة السابقة المبطلية أو عدمها، وفي هذا البحث لا خصوصية لعنوان الزيادة بل يجري البحث عندما نشك في أنَّ تكرار الجزء هل يوجب البطلان أو لا.
ومن هنا ننطلق الى الأمر الثاني وهو في حكم الزيادة من حيث المبطلية عمداً وسهواً ، وهو بهذا العنوان يكون بحثاً فقهياً فلا مجال لبحثه في المقام، فالمهم التعرض الى ما يرتبط بعلم الأصول، أي البحث في حكم الشك في مبطلية الزيادة وما هو مقتضى الأصل العملي.