46/10/15
حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية
تتمة رأي المحقق العراقي قده:
الذي يُفهم من كلام المحقق العراقي هو أنَّ المعتبر في صدق الزيادة هو المسانخة بين الزائد والمزيد عليه، كما يظهر منه أنَّ اعتبار قصد الجزئية في الزائد إنما هو طريق لتحقق المسانخة، وعليه فالركوع الثاني إنما تصدق عليه الزيادة إذا قصد به الجزئية حتى يكون مسانخاً للركوع الصلاتي وزيادة فيه.
ثم ذكر شرطاً آخر وهو أن يكون المزيد فيه مشتملاً على حد مخصوص - ولو اعتباراً - حتى يصدق بالإضافة إليه عنوان الزيادة أو النقيصة، ومثَّل له بماء الحِب وماء النهر فلكلٍ منهما حد مخصوص تصدق بالإضافة إليه الزيادة والنقيصة وإلا لم يصدق شيء من ذلك، ثم يقول وهذا ليس مختصاً بالمركبات الخارجية بل يشمل المركبات الاعتبارية أيضاً، فلا بد من اعتبار حد خاص فيما اعتُبر جزءاً في مقام اختراع المركب حتى يتحقق بذلك عنوان الزيادة في المكتوبة، فالركوع مثلاً اعتبر مرة واحدة في الركعة فيكون الثاني زيادة، كما أنَّ عدمه يعتبر نقيصة، وكذا الكلام في التسبيحات فإذا فُرض أنَّ الحد الخاص لها هو الثلاثة فالأكثر يكون زيادة والأقل يكون نقيصة.
والذي يُفهم من مجموع كلامه أمران:
الأول إنَّ اعتبار الشرطين المسانخة والحد الخاص في صدق الزيادة الحقيقية ثابت في المركبات الخارجية والاعتبارية.
الثاني إنَّ تحقق المسانخة في المركبات الاعتبارية يتوقف على قصد الجزئية بالزائد.
أما المسانخة فالظاهر أنه لا إشكال عندهم في اعتبارها في صدق الزيادة، وهو واضح في المركبات الخارجية، ومثلوا له ببناء غرفة في الدار فتُعبر زيادة فيه لمسانختها مع أجزاء الدار، وأما بناء الحانوت فلا يعتبر زيادة فيه لعدم المسانخة، وهذا يعني أنَّ عنوان المزيد فيه كالدار لا بد أن يكون شاملاً للزيادة على تقدير وجودها وغير شامل لها على تقدير عدمها، وأما في المركبات الاعتبارية كالصلاة فهل تتوقف المسانخة على قصد الجزئية أو لا ؟ فإذا جاء بالركوع الثاني وقصد به الجزئية صدقت الزيادة وإلا فلا ، وهذا يعني أنَّ المسانخة لوحدها لا تكفي لصدق الزيادة.
الرأي الثاني: وهو ما يُفهم من بعض كلمات السيد الخوئي قده في الفقه وهو انكار ما اختاره المحقق العراقي قده حيث فرَّق بين المركبات الاعتبارية والمركبات الخارجية وذكر أنَّ المركب الخارجي أمر تكويني مؤلف من أجزاء خارجية غير منوطة بالقصد، ومثَّل له بما إذا أمره ببناء بيت من غرفتين فبنى ثلاثاً فتصدق الزيادة وإن لم يقصد بها الجزئية، كما أنه إذا قرأ القرآن في أثناء البناء فلا تصدق الزيادة حتى إذا قصد بها الجزئية.
وأما المركبات الاعتبارية فالوحدة الملحوظة بين أجزاء المركب كالصلاة المتقومة بالاعتبار والقصد، والسر فيه هو أنَّ أجزاء الصلاة عبارة عن مقولات متباينة لا ارتباط بينها والجامع بينها ليس إلا اعتبار المعتبر وقصده، وعليه فقصد كون الشيء من المزيد عليه يوجب صدق الزيادة سواءً كان من جنس الأجزاء أو لم يكن من جنسها.
والحاصل أنَّ صدق الزيادة لا يُناط بالمسانخة في المركبات الاعتبارية التي لا واقع لها وراء الاعتبار فمجرد الاتيان بشيء بقصد الجزئية كافٍ في تحقق عنوان الزيادة وإن كان غير مسانخ للأجزاء.
ومن هنا يظهر أنَّه يختلف مع المحقق العراقي في المركبات الاعتبارية إذ يكفي في صدق الزيادة قصد الجزئية ولو من دون المسانخة.
وهناك رأي ثالث يرى بأنَّ الزيادة تصدق إذا تحقق أحد الأمرين إما المسانخة وإما قصد الجزئية، وعليه فالآراء في المركبات الاعتبارية ثلاثة:
الأول: توقف صدق الزيادة على كِلا الأمرين المسانخة وقصد الجزئية، وهو مختار المحقق العراقي.
الثاني: توقفها على قصد الجزئية فقط، وهو مختار السيد الخوئي.
الثالث: كفاية أحد الأمرين.
تقييم هذه الآراء:
لا بد من التفريق بين أمرين تقدمت الاشارة إليهما الأول الزيادة في المسمى، والثاني الزيادة في الواجب.
أما الزيادة في المسمى فالظاهر أنه لا يكفي قصد الجزئية وحده في صدق الزيادة، فمثلاً إذا قرأ في الطواف دعاءً وقصد به الجزئية فلا يصدق أنه زاد في طوافه فلا بد من المسانخة كما إذا طاف شوطاً ثامناً، ولكن هل تكفي المسانخة وحدها في صدق الزيادة ؟
قد يقال بكفايتها لإثبات صدق الزيادة فإذا ألحق بأشواطه السبعة شوطاً ثامناً صدق أنه زاد في طوافه وإن لم يقصد به الزيادة، وقد يقال بعدم كفاية المسانخة في تحقق الزيادة بل لا بد من ضميمة قصد الجزئية ، ويُستدل عليه بما أشار إليه المحقق العراقي من أنَّ العناوين في باب المركبات الاعتبارية هي من العناوين القصدية فلا بد من قصد عنوان الصلاة بالجزء الزائد الذي أتى به وإلا فلا يكون مسانخاً للصلاة.
المختار:
يبدو أنَّ الأصح هو القول الأول، أي أنَّ المسانخة وحدها تكفي في صدق عنوان الجزئية، وذلك لما أشرنا إليه من أنه يصدق عرفاً على من جاء بشوط ثامن أنه زاد في طوافه حتى إذا لم يقصد به الجزئية ، وأما ما ذكره المحقق العراقي من عدم تحقق المسانخة إلا بالقصد فهو بحسب الدقة والتحليل لكن الأدلة الشرعية لا تُنزَّل على ذلك وإنما تُنزَّل على الزيادة بحسب الفهم العرفي.