« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

46/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الشك في الجزئية في حالة النسيان/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية

الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / الشك في الجزئية في حالة النسيان

 

الشك في الجزئية في حالة النسيان:

تقدم الكلام عن الشك في الجزئية مطلقاً في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأجزاء الناشئ من الشك في جزئية شيء في المركب فيدور أمر المركب بين الأقل والأكثر في الأجزاء، والكلام هنا في نفس المسألة ولكن الشك مختص بحالة النسيان وهو يحصل عند العلم بجزئية شيء في المركب في الجملة، أي هل هو جزء في حالتي التذكر والنسيان ومعنى ذلك هو أنَّ الصلاة تبطل بتركه عدماً أو سهواً متذكراً كان أو ناسياً، أو أنه جزء فقط في حالة التذكر ويترتب عليه صحة المركب عند تركه نسياناً؟

فالشك يقع في إطلاق الجزئية لحالة النسيان أو عدم اطلاقها.

والكلام هنا يقع في تحديد الأصل العملي الجاري في هذه المسألة كما كان كذلك في المسائل السابقة، لكن لما كانت النوبة لا تصل الى الأصل العملي إلا بعد عدم وجود دليل اجتهادي يدل على الجزئية في حالة النسيان أو ينفيها كذلك وقع الكلام بينهم في وجود مثل هذا الدليل الاجتهادي، كما أنَّ هذه المسألة ترتبط بمسألة أخرى وهي إمكان تكليف الناسي بالأقل فطرحت في المقام أيضاً، ومن هنا يقع الكلام في مقامات ثلاثة:

الأول في امكان تكليف الناسي بالأقل.

الثاني في وجود دليل اجتهادي يثبت أو ينفي الجزئية في حالة النسيان.

الثالث في مقتضى الأصل العملي في المقام.

أما المقام الأول فالسؤال فيه هو: هل يحكم بصحة العمل الناقص الذي يأتي به الناسي أو لا؟

الجواب: الحكم بصحة العمل الناقص الصادر من الناسي يتوقف على أحد أمرين:

الأمر الأول أن نفترض وجود تكليف يتعلق بالناقص بالنسبة للناسي، فإذا جاء به صح عمله ويكون ذلك من باب الامتثال.

الأمر الثاني أن يقال إنَّ العمل الصادر من الناسي وإن كان ناقصاً لكنه وافٍ بالملاك والغرض كالفعل التام فيصح ما جاء به.

أما الأول فمبني على إمكان تكليف الناسي بالناقص، وأما الثاني فمبني على عدم إمكانه وإنما يُصحح عمله على أساس وفائه بالملاك والغرض.

اختار الشيخ الأعظم عدم امكان تكليف الناسي بالناقص واستدل عليه بما حاصله:

إنَّ المفروض في هذا التكليف هو الاختصاص بالناسي – إذ لا يمكن أن يشمل المتذكر لأنَّ وظيفته هي التام – لكنه محال لاستحالة أن يكون هذا التكليف محركاً له، ولا يُفرق في الاستحالة بين أن يلتفت العبد الى نسيانه أو لا يلتفت إليه، أما على الأول فلا يُحركه الخطاب لاختصاصه بالناسي وهو متذكر على هذا التقدير، وأما على الثاني فلا يكون محركاً أيضاً لأنَّ التكليف إنما يحرك العبد إذا التفت إليه والى موضوعه وهذا خلف كونه ناسياً، فإنّ الناسي - إذا لم يلتفت الى نسيانه - يرى نفسه متذكراً فلا يحركه التكليف المختص بالناسي، فمثل هذا الخطاب لا يمكن أن يكون محركاً للناسي على كلا التقديرين فيكون محالاً.

وهناك عدة وجوه لتجاوز هذا الاشكال:

الوجه الأول: ما ذكره صاحب الكفاية وحاصله: يمكن إثبات الإمكان بافتراض أن يكون التكليف بالناقص عام وشامل للمتذكر والناسي مع افتراض خطاب آخر متعلق بالجزء المنسي مختص بالمتذكر، فتختص جزئية الجزء المنسي بالمتذكر وأما الناسي فيكون مكلفاً بما عدا الجزء المنسي، فلا خطاب بالناقص مختص بالناسي حتى يقال بالاستحالة.

هذا مع الالتفات الى أنَّ الكلام ثبوتي ويكفي في رفع الاشكال إثبات الإمكان.

والتعليق عليه:

يُفهم من كلام العلمين أنَّ كلاً منهما يفترض أن تصحيح ما صدر من الناسي - على أساس الامتثال - يتوقف على وجود خطابين فالشيخ الأعظم يفترض أنَّ الخطاب الثاني هو الخطاب المتعلق بالناقص المختص بالناسي، والمحقق الخراساني يفترض أنَّه الخطاب بالجزء المنسي المختص بالمتذكر، كما يُفهم أيضاً من كلامه التسليم بالإشكال مع محاولة دفعه بما ذكره.

وهذا الوجه عليه عدة اعتراضات:

الاعتراض الأول: إنَّ الخطاب بالناقص الشامل للناسي والمتذكر لا يخلو من احدى حالات أربعة:

الأولى: أن يكون الخطاب المتعلق بالناقص مقيد بضم الجزء المنسي إليه.

الثانية: أن يكون الخطاب المتعلق بالناقص مطلق من ناحية الجزء المنسي.

الثالثة: أن يكون الخطاب المتعلق بالناقص مهملاً.

الرابعة: أن يكون الخطاب المتعلق بالناقص مطلقاً بالنسبة الى الناسي ومقيداً بالنسبة الى المتذكر.

وكلها لا يمكن قبولها.

 

logo