« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

46/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء

الموضوع: الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء

 

كان الكلام في الشك في خروج طرف عن محل الابتلاء وعدمه فيقع الشك في منجزية العلم الإجمالي بناءً على اشتراطها بعدم خروج الطرف عن محل الابتلاء، فقد يقال بسقوط العلم الإجمالي عن التنجيز في حالة الشك بالخروج وعدمه وذلك باعتبار عدم العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير.

وقد يقال بعدم سقوطه عن المنجزية وذلك تمسكاً بإطلاق دليل التكليف - كاجتنب النجس - لإثبات فعليته في الفرد المشكوك، فيتشكل علم إجمالي منجِّز للعلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير.

وقد وقع الكلام في صحة التمسك بإطلاق دليل التكليف لإثبات فعليته في الفرد المشكوك، وفيه أقوال ثلاثة:

الأول: صحة التمسك بالإطلاق مطلقاً.

الثاني: عدم صحة التمسك بالإطلاق مطلقاً.

الثالث: التفصيل بين الشبهة المفهومية للشك فيصح التمسك بالإطلاق وبين الشبهة المصداقية فلا يصح التمسك به.

ذهب الشيخ الأنصاري والمحقق النائيني الى الأول، وذهب المحقق الخراساني الى الثاني، وذهب المحقق العراقي الى التفصيل.

ومن هنا يقع الكلام في مقامين الأول في الشبهة المفهومية والثاني في الشبهة المصداقية:

المقام الأول في الشبهة المفهومية:

وهو يعني ما إذا كان الشك ناشئاً من إجمال مفهوم (الدخول في محل الابتلاء) فهل هو واسع فيشمل الإناء في البلد البعيد أم لا، وهذا هو الدوران بين الأقل والأكثر في الشبهة المفهومية، وهنا قولان:

القول الأول: عدم صحة التمسك بالإطلاق لإثبات فعلية التكليف – أي وجوب الاجتناب – في الطرف المشكوك، فلا نعلم بالتكليف على كل تقدير فلا يكون العلم الإجمالي منجِّزاً، وهو مختار المحقق الخراساني.

القول الثاني: صحة التمسك بالإطلاق لإثبات فعلية التكليف في الطرف المشكوك، وهو مختار الشيخ والمحقق النائيني والسيد الخوئي.

أما القول الأول فاستُدل له بما حاصله:

إنَّ التمسك بالإطلاق إثباتاً إنما يصح إذا تم ثبوتاً إمكان إطلاق الحكم وشككنا في تقييده أو إطلاقه، وأما مع الشك في إمكان كون الحكم مطلقاً ثبوتاً فلا يصح التمسك بالإطلاق إثباتاً، لأنَّ مقام الاثبات تابع لمقام الثبوت، والمقام من هذا القبيل لأنَّ الطرف المشكوك إن كان خارجاً عن محل الابتلاء فإطلاق الحكم بالنسبة إليه مستحيل بحسب الفرض، وإن كان داخلاً في محل الابتلاء فيكون ممكناً، إذن الشك في الإمكان وعدمه، فكيف يمكن التمسك بالإطلاق لإثبات فعلية التكليف في الطرف المشكوك كما هو المدعى؟ هذا ما قد يُفهم من عبارة الكفاية.

جواب المحقق النائيني:

وأجاب عنه المحقق النائيني بأنَّ إطلاق الكاشف - أي الدليل - يكشف بنفسه عن إمكان إطلاق الحكم واقعاً وصحة تشريعه على نحو يعم الطرف المشكوك.

ومراده - ظاهراً - هو أنَّ الدليل الدال بإطلاقه على ثبوت الحكم يكون دليلاً على إمكان الاطلاق مع الشك للملازمة بين الوقوع والامكان، فالدليل الدال على الحكم بالمطابقة يدل على الإمكان بالالتزام، ويرتفع بذلك الشك في الإمكان، فيثبت الإمكان تعبداً لقيام ما هو حجة عليه وهو إطلاق الدليل.

ويمكن اعتبار هذا الجواب جواباً حلياً عن كلام المحقق الخراساني.

وذكر أيضاً جواباً نقضياً وحاصله:

إنَّ التمسك بالإطلاق لو كان مشروطاً بإحراز إمكانه ثبوتاً لانسد باب التمسك بالمطلقات في جميع موارد الشك في التقييد، لأنَّ الشك في التقييد يلازم الشك في ثبوت الملاك للحكم في الفرد المشكوك، ومن الواضح استحالة ثبوت الحكم بلا ملاك، فيكون الشك في التقييد مستلزماً للشك في إمكان الحكم وعدمه.

وفي محل الكلام هناك شك في إمكان شمول الحكم للطرف المشكوك، فكما يجوز التمسك بإطلاق الحكم في (أعتق رقبة) عند الشك في اعتبار الايمان فيها يجوز التمسك هنا بإطلاق دليل التكليف (اجتنب النجس) لإثبات فعلية التكليف في الطرف المشكوك.

logo