« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

47/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل في شرائط إمام الجماعة/ فصل في شرائط إمام الجماعة/صلاة الجماعة

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ فصل في شرائط إمام الجماعة /

فصل في شرائط إمام الجماعة

 

يشترط فيه أمور: البلوغ والعقل (1) والإيمان (2)، والعدالة (3)

الشرائط المعتبرة في الإمام

3-الظاهر أنّه لا خلاف ولا اشكال في اعتبارها في إمام الجماعة وادعى أكثر من واحد الإجماع على اعتبارها بل أرسلوه إرسال المسلّمات على وجه كاد أن يُعدّ عندهم من ضروريات الفقه كما في مصباح الفقيه بل نقل عن بعض أهل السنّة إجماع أهل البيت على اشتراط العدالة كما في الخلاف نقلاً عن السيد المرتضى (قده)، وقد اختار الشيخ الاشتراط لأجل هذا الاجماع

والنصوص الدالة على الاشتراط كثيرة

ولكن قبل استعراضها لا بد من الإشارة الى أنّ المستفاد من النصوص الآتية هل هو شرطية العدالة أو مانعية الفسق

وتظهر الثمرة في موارد منها مجهول الحال فلا يمكن إحراز عدالته فلا تجوز الصلاة خلفه لو قلنا بشرطية العدالة بينما على القول بمانعية الفسق يمكن الحكم بجواز الصلاة خلفه بعد إحراز عدم المانع بالأصل

ومن هذه النصوص صحيحة عمر بن يزيد أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ(ع)عَنْ إِمَامٍ لَا بَأْسَ بِهِ، فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ عَارِفٍ غَيْرَ أَنَّهُ يُسْمِعُ أَبَوَيْهِ الْكَلَامَ الْغَلِيظَ، الَّذِي يَغِيظُهُمَا أَقْرَأُ خَلْفَهُ، قَالَ ((لَا، تَقْرَأُ خَلْفَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَاقّاً قَاطِعاً))[1]

وتقريب الاستدلال بها كما في مصباح الفقيه أنّ الذي يفهم من كلام السائل كون اشتراط عدالة الإمام أمراً مفروغاً عنه وإنّما هو يسأل عن أنّ هذه الخطيئة التي لا تصل الى حدّ العقوق هل تمنع من العدالة المعتبرة في إمام الجماعة أو لا؟

ولكنّ هذا لوحده لا يكفي لإثبات شرطية العدالة في إمام الجماعة شرعاً ما لم نضمّ له الإمضاء ورضى الإمام بما يعتقده السائل، فلا بد من تتميم هذا الوجه بأن يقال إنّ سكوت الإمام عنه وعدم ردعه إمضاء لما يعتقد به

ولكن لا يمكن استكشاف الإمضاء من سكوت الامام وعدم ردعه في محلّ الكلام؛ لأنّ كشف السكوت وعدم الردع عن الإمضاء يبتني على أنّه لو لم يرضى فلا بد أن يردع فلو لم يردع نستكشف الإمضاء والّا كان مخلّاً بوظيفته

وما يعتقده السائل في محلّ الكلام هو شرطية العدالة فلو فرضنا أنّ الإمام لم يوافقه في هذه الشرطية فلا يجب على الإمام أن يردعه لأنّ عدم ردعه لا يؤدي الى مخالفة الواقع

ومن هنا يختلف هذا لو عكسنا القضية، فلو كان السائل يرى عدم الاشتراط والإمام يرى الاشتراط ففي هذه الحالة يكون سكوت الإمام دليلاً على الإمضاء لأنّ سكوته يؤدي إلى وقوع المكلف في مخالفة الواقع

فلو لم يردع وسكت نستكشف الإمضاء والّا كان مخلاً بوظيفته

والحاصل أنّه يمكن فرض أنّ الإمام لا يرى اشتراط العدالة ولا يوافق على ما يعتقده السائل ومع ذلك لا يجب عليه الردع لأنّ إبقاء السائل على ما يعتقده لا يؤدي الى مخالفة الواقع

وعليه فما تدل عليه الصحيحة هو مانعية العقوق لا شرطية العدالة

هذا، وورد في تقريرات السيد الخوئي (قده) ما يفهم منه تقريب آخر للشرطية وحاصله إنّ الإمام خصّ المنع عن الإئتمام في مورد العقوق لأنه حينئذ يوجب الفسق المنافي للعدالة

ويفهم من كلامه أنّ تغليظ الكلام للوالدين ما لم يصل الى حدّ العقوق ليس حراماً بل قد يكون في بعض الأحيان واجباً لو توقفت عليه النصيحة، والإمام خصّ المنع بوصوله الى حدّ العقوق باعتبار أنّ العقوق يوجب الفسق وهو مناف للعدالة ويفهم من هذا شرطية العدالة

ويلاحظ عليه إنّه لا دليل على أنّ المنع من الائتمام بالعاق من جهة منافاة العقوق للعدالة حتى يستفاد اعتبار العدالة إذ يمكن أن يكون ذلك من جهة مانعية العقوق لصحّة الصلاة مضافاً الى أنّ استفادة اعتبار العدالة التي ينافيها جميع المحرّمات يتوقف على إلغاء خصوصية العقوق والتعدي منه الى مطلق المحرمات، وهو غير تام لاحتمال الخصوصية باعتبار أنّ العقوق من أعظم الكبائر

فلا دلالة في الرواية على اشتراط العدالة وإن دلّت على مانعية خصوص العقوق، والتعدي منه الى سائر المحرمات غير واضح

الرواية الثانية: موثقة سماعة قال: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يُصَلِّي فَخَرَجَ الْإِمَامُ، وَ قَدْ صَلَّى الرَّجُلُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ، قَالَ ((إِنْ كَانَ إِمَاماً عَدْلًا فَلْيُصَلِّ أُخْرَى وَ يَنْصَرِفُ، وَ يَجْعَلُهُمَا تَطَوُّعاً، وَ لْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامَ عَدْلٍ، فَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ، وَ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَ يَجْلِسُ قَدْرَ مَا يَقُولُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ(ص) ثُمَّ لْيُتِمَّ صَلَاتَهُ مَعَهُ عَلَى مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ التَّقِيَّةَ وَاسِعَةٌ، وَ لَيْسَ شَيْ‌ءٌ مِنَ التَّقِيَّةِ، إِلَّا وَ صَاحِبُهَا مَأْجُورٌ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللهُ))[2]

ودلالتها على اعتبار العدالة واضحة، ولكن استشكل في دلالتها على الاشتراط ن:

الأول: يحتمل أن يكون المراد بالإمام العدل هو الإمام الأصل فتكون الرواية أجنبية عن محلّ الكلام

وأجيب عنه بأنّه لو كان هذا هو المراد لكان المناسب أن يقول سماعة (فخرجت) لا أن يقول (فخرج الامام)، وأن يقول الامام (إن كنت أنا) لا أن يقول ((إن كان إماماً عدلاً))

ولكنّ القضية فرضية فلا مشكلة في أن يتكلم مع الإمام ويفترض أنّه لو خرج إمام الأصل

ولكن الظاهر أن إرادة إمام الأصل خلاف الظاهر جداً، فمن الواضح أنّها تتكلم عن إمام مع توصيفه بالعادل والصفة قد تزول عن الموصوف

الثاني: ما ورد في تقريرات المحقق النائيني (قده) من أنّه لا يبعد أن يكون العدل في الرواية بمعنى الاعتدال في الدين أي أن يكون الإمام إمامياً فتكون الرواية أجنبية عن محلّ الكلام

والوجه في هذا الحمل ما ورد في ذيل الرواية فقوله ((فان التقية واسعة)) يفترض أنّ الثاني ليس امامياً فلا بد أن يراد من الأول كونه إمامياً

فلو كان المراد بالعدالة في الأول العدالة بالمعني الاصطلاحي لكان المناسب أن يقول في الثاني إن كان فاسقاً


[1] وسائل الشيعة: ٨/٣١٣ ح١.
[2] وسائل الشيعة: ٨/٤٠٥.
logo