« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

47/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 وجوب متابعة الامامفصل في أحكام الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة/ وجوب متابعة الامام

فصل في أحكام الجماعة


(مسألة ٣٤): اذا تبين بعد الصلاة كون الامام فاسقاً أو كافراً أو غير متطهر أو تاركا لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسياً لنجاسة غير معفو عنها في بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة (1).[1]

 

يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين:

المقام الأول: في حكم الجماعة من حيث الصحّة والفساد

المقام الثاني: في حكم صلاة المأمومين من حيث الصحّة والفساد

وثمرة البحث في المقام الأول ترتيب آثار الجماعة على ما جاء به كما لو زاد ركناً للمتابعة فلو قلنا بعدم صحتها جماعة تبطل صلاته إذ عدم تأثير زيادة الركن للمتابعة في صحّة الصلاة من أحكام الجماعة، بينما لا نحكم ببطلانها لو قلنا بصحتها جماعة

والأثر المترتب على البحث الثاني وجوب الاعادة على المأموم أو عدم وجوبها

أمّا البحث الاول فقد حكم السيد الماتن (قده) فيه ببطلان الجماعة، وهو ما ذهب اليه الأغلب إما لفقد شرط من الشرائط المعتبرة في الإمام كما اذا تبين فسقه أو كفره وهو يوجب بطلان الائتمام فلا تنعقد الجماعة وإمّا لفقد ما يعتبر في صحّة صلاة الإمام، كما لو كان غير متطهر أو كان تاركاً لركن فتبطل صلاته وببطلانها تبطل الجماعة؛ لأنّها متقومة بصلاة الامام وصلاة المأموم فاذا بطلت إحداهما بطلت الجماعة

وفي المقابل قد يقال -كما ذكر المحقق الأصفهاني (قده)- إنه لا داعي للالتزام ببطلان الجماعة بل نلتزم بصحتها ونستفيد ذلك من روايات المسألة

فإنّ الظاهر من الروايات أنّ السؤال فيها عن حكم هذه الصلاة الواقعة في الخارج وأجاب الامام عن حكم هذه الصلاة ولا شكّ أنّ السائل يسأل عن حكم صلاة الجماعة الواقعة التي صلاها، فحين يجيب الإمام ((تمت صلاتهم)) يكون المقصود هو أنّها تمت جماعة، فقد لا يخطر في ذهن السائل تحولها الى الفرادى

القرينة الثانية: ما ورد في بعض هذه النصوص من قوله ((ليس عيه أن يعلمهم)) فإنّ تصدي الإمام لنفي وجوب الإعلام إنّما يصحّ عندما يكون هناك ما يوجب توهم وجوب الإعلام والّا فلا معنى له أصلاً وفي المقام إذا قلنا ببطلان الجماعة فلازمه انعقاد الصلاة فرادى من أول الأمر لأنّ فقدان الشرط كان من البداية، وفي هذه الحالة لا مجال لتوهم وجوب الإعلام عليه لأنّه يكون أجنبياً عنهم فكل واحد منهم صلّى صلاته منفرداً وإنّما اجتمعوا في المكان فقط

وتوهم وجوب الإعلام إنّما يأتي من توهم فساد الصلاة بينما لو فرضنا أنّهم صلّوا منفردين فلا يأتي توهم الفساد أساساً

بخلاف ما إذا قلنا بصحّة الجماعة فيوجد مجال لتوهم الفساد باعتبار أنهم يصلون خلفه جماعة وتبين أنّه فاقد لبعض شروط الصحّة فتوهم الفساد سيكون معقولاً ويكون تصدي الإمام للإعلام مقبولاً عرفاً

القرينة الثالثة: ما ورد في صحيحة زرارة عن أحدهما(ع)قال: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ، قَالَ ((يُتِمُّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ ضَمَانٌ))[2] ذكر هذا كتعليل للحكم باتمام القوم صلاتهم

واستدلاله مبني على أنّ الضمان المنفي هو الضمان المنقول عن العامة فهم يبنون على أنّ الأصل في صلاة الجماعة هو الإمام فاذا صحّت صلاة الإمام صحّت صلاة المأموم واذا بطلت بطلت

ومن الواضح أنّ هذا الضمان إنّما يصحّ جعل نفيه علّة لصحّة صلاة المأمومين جماعة فيقال أنّ صلاة المأمومين صحيحة حتى إذا فسدت صلاة الإمام لأنّ الإمام لا يضمن عندما تكون الصلاة جماعة

وأمّا لو قلنا بأنّها لا تصحّ جماعة وأنها تنعقد فرادى من البداية فلا يصح تعليل صحّة صلاة المأموم بأنّ بطلان صلاة الإمام لا تستلزم بطلان صلاة المأموم، فإنّ عدم الضمان حينئذ يكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع

وإذا تمّ بعض هذه القرائن تكون صلاة المأمومين صحيحة جماعة وتترتب عليها آثار الجماعة فتسقط عنهم القراءة وتغتفر زيادة الركن للمتابعة ويرجع كل من الإمام والمأمومين الى الآخر في حالة الشكّ

بخلاف ما اذا قلنا بعدم صحّتها جماعة فإنّ هذه الآثار لا تترتب حتى اذا قلنا بصحّة صلاة المأموم في المقام الثاني فإنّ صحّتها مشروطة بما اذا جاء بوظيفة المنفرد

والظاهر أنّ الحكم بصحّة الجماعة هو الأقرب، ولا يبعد ما ذكره المحقق الاصفهاني (قده) فإنّ ما ذكره من الأدلة متين


logo