46/11/19
وجوب متابعة الامامفصل في أحكام الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة
الموضوع: صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة/ وجوب متابعة الامام
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 18): لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة غير القراءة في الأولتين (1) إذا ائتم به فيهما، وأما في الأخيرتين فلا يتحمل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات (2)، وإن قرأ الإمام فيهما وسمع قراءته، وإذا لم يدرك الأولتين مع الإمام وجب عليه القراءة فيهما لأنهما أولتا صلاته (3)، وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد وترك السورة (4) وركع معه، وأما إذا أعجله عن الحمد أيضا (5) فالأحوط إتمامها واللحوق به في السجود أو قصد الانفراد ويجوز له قطع الحمد والركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة[1]
4-نقلنا أنّ السيد الخوئي (قده) منع من صحة الاستدلال بصحيحة معاوية بن وهب في محل الكلام وذكر بأنّ الأمر فيها يدور بين إدراك الامام في الركعة الأخيرة حال القيام وبين إدراكه حال الركوع بعد استبعاد أن يكون المقصود إدراكه حال التسليم ورجّح أن يكون المراد إدراكه في حال الركوع ولذا قال أنّ الصحيحة أجنبية عن محلّ الكلام لأنّه غير مكلف بالقراءة في حال الركوع بخلاف ما إذا أدركه حال القيام فإنّه يكون مكلفاً بالقراءة حالته
والقرينة عليه قوله يدرك اخر صلاة الامام وآخر ما يمكن ادراكه من صلاة الامام كأمام هو الركوع
وناقشناه بان المراد من (عن الرجل يدرك آخر صلاة الإمام) الالتحاق بآخر صلاة الامام وبعد استبعاد إرادة التسليم يدور الأمر بين الأمرين اللذين ذكرهما، ويمكن جعل قوله (فإن لم يمهله) قرينة على إرادة الإدراك حال القيام
وقد ذكر (قده) شاهداً آخر على صحّة استظهاره وهو (قوله (فلا يمهله حتى يقرأ) فإنّ حمل كلمة (يقرأ) على الفراغ من القراءة خلاف الظاهر جدّاً، بل الظاهر منه هو الشروع فيها، وهذا إنّما يتحقّق عند إدراك الإمام راكعاً، فلا يمهله حينئذ حتّى من الشروع في القراءة ... وأمّا مع إدراكه قائماً فهو متمكّن من الشروع فيها والإتيان بالمقدار الممكن ولو آية أو آيتين، فلا معنى لعدم الإمهال الذي فرضه السائل كما لا يخفى)[2] ، فيكون هذا شاهداً آخر على أنّه أدركه في حال الركوع، وتكون الرواية أجنبية عن محلّ الكلام
وواضح أنّه يفترض أنّ فرض إدراك الامام في حال القيام مستلزم للدخول في القراءة فيحمل قوله (فلا يمهله حتى يقرأ) على إرادة الفراغ من القراءة
ولكن يمكن افتراض أنّه أدرك الامام في حال القيام، ولكن الامام لم يمهله حتى يشرع في القراءة وذهب الى الركوع مباشرة،
فلا ينحصر الفرض فيما اذا أدرك الامام في حال الركوع بل يمكن فرض أنّه ما أمهله في حال القيام حتى يشرع بالقراءة
ولا يبعد أن يكون الظاهر من لفظ (يقرأ) هو الشروع في القراءة، ولكن يمكن استعمالها عرفاً في اتمام القراءة والفراغ منها، فيصح إطلاق هذا التعبير على مَن لم يمهله الامام حتى يفرغ من القراءة وإن كان قد شرع بها
القول الثالث: التخيير بين الأمرين ويمكن أن يستند فيه الى دعوى أنّ المقام داخل في باب التزاحم بين جزئية القراءة وبين شرطية المتابعة فإنّ قدرة المكلّف تضيق عن امتثال كل منهما
ومرجحات باب التزاحم لا تنطبق في المقام فلا توجد أهمية لأحدهما على الآخر ولا إحتمال الأهمية فيصار الى التخيير كما هي القاعدة في باب التزاحم
وذكر السيد الخوئي (قده) أنّ التزاحم لا يجري في الواجبات الضمنية بل هي داخلة في باب التعارض، ووافقه السيد الشهيد (قده) على ذلك، خلافاً للمشهور الذي لا يرى فرقاً بين الواجبات الاستقلالية وبين الواجبات الضمنية في دخولها في باب الزاحم عندما تتوفر شروطه، ونقل عن المرجع السيد السيستاني (دام ظله) أنّه ذكر هذا المطلب وناقشه وذهب الى جريان التزاحم بين الواجبات الضمنية
وهذا مطلب سيّال وله تطبيقات عديدة ونذكر أولاً خلاصة ما ذكره السيد الخوئي (قده) حيث ذكر أنّ الميزان في التعارض هو تكاذب الدليلين في مقام الجعل، ولذا يحكم العقل باستحالة جعلهما
والميزان في التزاحم هو أن تضيق قدرة المكلف عن إمتثال التكليفين معاً فيتزاحمان في عالم الامتثال والفعلية، ولا تنافي بينهما في عالم الجعل، وحيث أنّ كلّ تكليف مقيّد بالقدرة فلا مانع من جعل وجوب الصلاة بشرط القدرة كما لا مانع من جعل وجوب الإزالة بشرط القدرة، والإتيان بأحد المتزاحمين يسلب القدرة على الآخر، فإمتثال كل واحد منهما يقتضي عدم القدرة على الآخر فيرتفع التكليف به لأنّ التكليف مشروط بالقدرة
ولا اشكال في تحقق ميزان التزاحم في الواجبات الاستقلالية، وإنّما الكلام في تحققه في الواجبات الضمنية
وذكر السيد الخوئي (قده) انه في الواجبات الضمنية لا يوجد تكليفين مستقلين لا استحالة في جعلهما وإنّما يتزاحمان في مقام الفعلية والامتثال، بل لدينا تكليف واحد وهو التكليف بالمركب من الأجزاء والشرائط فاذا دار الأمر بين الإتيان بهذا الجزء أو هذا الجزء أو بين هذا الجزء وهذا الشرط كما هو في محلّ الكلام فمعنى هذا أنّ المكلّف يصبح غير قادر على الإتيان بأحدهما، ومعه لا يكون قادراً على المركب الذي تعلق التكليف به، لأنّ المركب ينتفي بإنتفاء أحد أجزائه، ومعه يسقط الأمر بالمركب ولا أمر بالباقي لأنّه بحاجة الى دليل
وفي باب الصلاة قام الدليل عل وجوب الإتيان بالباقي وهو أنّ الصلاة لا تسقط بحال، فهناك أمر جديد يتعلق بالمركب من الباقي، ونتردد في متعلق الأمر الجديد وهل هو الصلاة المقيدة بالمتابعة المستلزمة لترك القراءة أو الصلاة المقيدة بالقراءة المستلزمة لترك المتابعة؟
وهذان التكليفان لا يمكن أن يجعلهما الشارع معاً فهما متكاذبان جعلاً في فرض المسألة
ومن هنا يدخل المقام في باب التعارض بمعنى إنّ إطلاق الأمر بالقراءة يكون معارضاً لإطلاق الأمر بالمتابعة فلا بد من الرجوع الى قواعد باب التعارض ولا تصل النوبة الى التخيير