« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

46/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 فصل في أحكام الجماعة/ صلاة الجماعة/كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة

فصل في أحكام الجماعة

 

(مسألة 9): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود(1) والمتابعة، ولا يضر زيادة الركن حينئذ، لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، وإن لم يعد أثم وصحت صلاته، لكن الأحوط إعادتها بعد الإتمام ، بل لا يترك الأحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها ، ولو ترك المتابعة حينئذ سهواً أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الاعادة وإن كان الرفع قبل الذكر ، هذا ولو رفع رأسه عامداً لم يجز له المتابعة ، وإن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمدية ، ولو تابع سهواً فكذلك ، إذا كان ركوعا أو في كل من السجدتين، وأما في السجدة الواحدة فلا[1]

 

وجوب متابعة الامام

1-قلنا إنّه لا بد من ملاحظة نصوص الباب، وقد قسّمنا الروايات الى طائفتين

الطائفة الاولى: الروايات التي تأمره بالعود

الاولى: صحيحة الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد الله (عليه الاسلام) عن رجل صلى مع إمام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود، قال: ((فليسجد))[2]

وطريق الشيخ الصدوق الى الفضيل بن يسار تام وإن كان فيه علي بن الحسن السعد ابادي وهو وإن لم ينص على وثاقته لكننا اثبتنا وثاقته بترضي الشيخ الصدوق عنه، وبما قاله أبو غالب الزراري في رسالته المشهورة بأنّه مؤدبي وليس المراد الاشارة الى الأدب وانما هي اشارة الى التربية والتعليم، وقد روى عنه ابن قولويه في كامل الزيارات مباشرة

وفي طريق الرواية الآخر محمد بن سنان فالتوقف فيه من جهته

الثانية: رواية محمد بن سهل الأشعري، عن أبيه، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عمن يركع مع إمام يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الإمام قال: ((يعيد ركوعه معه)) [3] ، وفي سندها محمد بن سهل وهو مجهول، وهو موجود في طريق الشيخ الطوسي والشيخ الصدوق أيضاً

الثالثة: صحيحة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال: ((يعيد بركوعه معه)) [4]

الرابعة: موثقة ابن فضال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في الرجل كان خلف إمام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام، أيفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب (عليه السلام) ((تتم صلاته ولا تفسد صلاته بما صنع)) [5] ، ومورد الرواية عدم التعمد باعتبار أنّه ظنّ أنّ الامام قد ركع، فيكون ركوعه من باب الاشتباه والخطأ

الخامسة: موثقة محمد بن علي بن فضال، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: أسجد مع الامام فأرفع رأسي قبله أعيد؟ قال: ((أعد واسجد)) [6] ، وفي هذه الرواية يسأل محمد بن علي بن فضال عن فعله ويصعب حمل هذا الفعل منه على العمد مع وثاقته وجلالته

الطائفة الثانية: الروايات التي تنهاه عن العود

وتتمثل بموثقة غياث بن إبراهيم قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أيعود فيركع إذا أبطأ الامام ويرفع رأسه معه؟ قال: لا)) [7] ، وهي الرواية الوحيدة التي تنهى عن العود

وبينّا أنّه في بعض الفروض لا تعارض بين الطائفتين، وإنّما يقع التعارض فيما لو كان كل منهما مطلقاً أو يختصان بمورد واحد، فلا بد من التكلم في أمور

الأمر الاول: أمّا الحديث السادس وهو موثقة غياث بن ابراهيم ففيها احتمالات

الاحتمال الاول: إنّ موردها غير العمد لأنّ المذكور فيها (أيعود فيركع إذا أبطأ الامام)

وهذا الاحتمال مبني على استفادة أنّ المأموم كان يعتقد أنّ الامام لا يبطيء وقد رفع رأسه بناء على هذا الاعتقاد متخيلاً باقتران رفع رأسه من الركوع برفع الامام رأسه منه،

الاحتمال الثاني: يمكن حمل الرواية على العمد، ومعنى قوله (أيعود فيركع إذا أبطأ الامام) اي اذا استطاع أن يدرك الامام وهو في الركوع فهل يعود أو لا؟

الاحتمال الثالث: أن تكون الرواية مطلقة شاملة للعمد وغيره، ونستفيده من ترك الاستفصال

والذي يؤيد الاحتمال الأول وهو اختصاص الرواية بغير العامد ما ذكره غير واحد من المحققين وهو استبعاد التقدم على الامام عمداً ممن يصلي جماعة ويريد ابراء ذمته بهذه الصلاة، خصوصاً مع ارتكاز وجود محذور في سبق الامام في الأفعال في أذهان المتشرعة

وهذه قرينة عامة تقتضي حمل كل الروايات السابقة على عدم التعمد

الأمر الثاني: الحديث الخامس وهو موثقة محمد بن علي بن فضال وهو يسأل فيه عن فعله هو ويستبعد أن يصدر منه سبق الامام تعمداً فهو من الثقات الأجلاء

الثالث: الحديث الرابع مختص بغير العامد بقرينة الظن، وجعل بعضهم هذا قرينة على حمل باقي الروايات على غير العمد.

والعمدة هو القرينة الاول

وأمّا القرينة الثانية فإنّ هذه القرينة تختص بهذه الرواية، فهو يسأل عن فعله ولا تكون هذه قرينة على حمل باقي الروايات على غير العامد، فالعمدة في هذه القرائن هي القرينة الاولى

وفي المقابل ما يؤيد اختصاص الروايات بالعامد هو ما أشرنا اليه من أنّ الافعال الاختيارية المسندة الى المكلف ظاهرة في العمد، وحملها على النسيان وامثاله على خلاف الظاهر

فإن تمّ الاستبعاد المذكور يكون قرينة موجبة لظهور الروايات في عدم التعمد وانصرافها عن فرض العمد ويقع التعارض بين الطائفتين حينئذ، ولا يمنع من ذلك ما تقدم من دعوى أنّ الظهور الأولي للأفعال الاختيارية المسندة الى المكلف هو العمد لأنّ ما ذكر قرينة على حمل الروايات على غير العامد كما لا يمنع منه الاطلاق لأنّه مبني على مقدمات الحكمة وأحدها عدم القرينة على التقييد، وفي المقام توجد قرينة

فالاطلاق المبتني على ترك الاستفصال لا يجري لأنّه انما يجري حين يكون احتمالان في السؤال والامام يجيب بدون استفصال فيفهم عموم الجواب لكلا الاحتمالين، ومع هذه القرينة لا يوجد احتمالان في السؤال بل هو مختص بغير العامد

ومنه يتضح أنّ موثقة غياث بن ابراهيم اذا حملت على غير العامد لا تكون منافية لما تقدم منّا من البطلان بالإخلال العمدي حتى اذا دلّت على صحّة الجماعة

هذا اذا فرضنا أن الاستبعاد المذكور واصل الى حد القرينة الموجبة للظهور

وأمّا اذا لم يصل هذا الاستبعاد الى حدّ القرينة الموجبة للظهور فقد يقال إنّه يؤخذ بالقرينة المتقدمة لاثبات أنّ الروايات ناظرة الى صورة العمد وهي ظهور الافعال الاختيارية في العمد

وفيه إن حمل هذه الروايات باجمعها على خصوص العمد بعيد جداً، فإنّ ما ذكر من قرائن على إرادة عدم العمد فانها اذا لم تكن موجبة لظهور الروايات في ارادة عدم التعمد فلا أقل من كونها موجبة لاحتمال إرادة عدم التعمد احتمالاً مساوياً لاحتمال التعمد بحيث يمنع من ظهور الروايات في التعمد، ومن هنا يتعين الالتزام بالاطلاق على اساس ترك الاستفصال

فالكلام ينبغي أن ينصرف الى أنّ هذه القرينة كافية في تحقق الظهور أو لا

 


logo