46/07/18
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 7): لا يجوز أن يتقدم المأموم على الإمام في الأفعال، بل يجب متابعته (1) بمعنى مقارنته أو تأخره عنه تأخرا غير فاحش (2)، ولا يجوز التأخر الفاحش[1] .
وجوب متابعة الامام
المقام الثاني: في معنى المتابعة
انتهينا الى أنّه لا ينبغي الاشكال في عدم جواز التأخر المانع من صدق المتابعة، وهو ما اذا فاته إدراك الفعل مع الامام بأن ركع المأموم بعد رفع الامام رأسه من الركوع فلا يصدق عرفاً أنّه تابعه في الركوع
وبعد الفراغ عن عدم جواز التقدم وعدم جواز التأخر الفاحش وجواز التأخر غير الفاحش، يقع الكلام في جواز المقارنة وعدم جوازها أي في لزوم التأخر غير الفاحش أو عدم لزومه، ولا بد أولاً من بيان بعض الأمور
تنبيهات:
الأول: إنّما محل الكلام في صورة العمد، فعلى القول بأنّ وجوب المتابعة وجوب شرطي يأتي الكلام بأنّ تعمد التقدم على الامام يكون موجباً لبطلان الجماعة وأمّا لو صدر ذلك منه سهواً فله حكم آخر بمعنى يتداركه، عملاً بالروايات التي تقدمت الإشارة اليها
وعلى تقدير الحكم ببطلان الجماعة يأتي الكلام السابق في حكم صلاته وأنّها لا تبطل كصلاة منفرد بشرط أن لا يأتي بما يبطل صلاة المنفرد ولو سهواً
الثاني: تطرقنا الى مسألة المتابعة في الأقوال سابقاً وقلنا بأنّه لا دليل على لزوم المتابعة في الأقوال، والكلام في هذه المسألة يقع تارة في تكبيرة الإحرام وأخرى في التسليم وثالثة في الأقوال غيرهما
أمّا الأذكار غير التسليم والتكبير فذهب المشهور الى عدم وجوب المتابعة فيها
نعم، صرّح جماعة من المتأخرين بوجوب المتابعة في الأقوال فضلاً عن الأفعال واستدلوا لذلك بدليلين
الدليل الأول: النبوي المتقدم ((إنما جعل الإِمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا))[2] بناء على ما تقدم من أخذ المتابعة في مفهوم الائتمام والاقتداء وباعتبار أنّ الرواية مطلقة ولو بحذف المتعلق أي يؤتم به في كل ما يرتبط بالصلاة تشمل الأقوال ولا ينافي ذلك ذكر الركوع والسجود في ذيل النبوي باعتبار حمله على المثال لما يجب الائتمام به
ونوقش فيه بالسند أولاً فهو عامي، وليس واضحاً استناد الاصحاب اليه في ما ذهبوا اليه ليقال بإمكان جبر ضعفه بالعمل، مع المناقشة في الكبرى
مضافاً الى ما ذكره الشيخ الانصاري (قده) من أنّ مورد المتابعة هو ما يتعين على الامام والمأموم قال (وإنما يجب متابعة الإمام في الأفعال الواجبة عليهما)[3] وأمّا ما لا يتعين على المأموم ما يختاره الامام فهذا ليس مورداً للمتابعة لأنّه مع عدم وجوبه على المأموم معيناً فلا معنى للمتابعة فيه
ويلاحظ عليه إنّ ظاهر القائل بوجوب المتابعة في الأقوال إرادة شروع المأموم في القول الواجب عليه بعد شروع الامام بقوله، فالمراد به الشروع بعد الشروع وهو أمر ممكن ومعقول ويمكن أن يكون واجباً حتى مع اختلافهما في ما يختارانه
وما ذكر واضح في الأمثلة العرفية فلو قال له تابع فلاناً في مشيه كمثال للأمور التدريجية الحصول فلا يفهم منه الا الشروع بالمشي بعد شروعه به وكذا لو قال له تابعه في الكتابة
واعترض عليه المحقق الهمداني (قده) (انه لا يكاد يفهم من النبوي أزيد مما هو المغروس في أذهان المتشرعة في باب الجماعة من أن الامام انما جعل اماما ليؤتم به فهو من باب الارشاد والمغروس في أذهان أهل الشرع انما هو متابعته في الهيئات الملحوظة في الجماعة المعتبرة في الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود دون الأذكار التي هي مرددة بين ما يتحمله الامام وحده كالقراءة وبين ما يكون الراجح فيها مخالفة المأموم الامام كما في وظيفة الأخيرتين حيث إن المأموم فيهما التسبيح وللامام القراءة ... وبين ما لا يجب من أصله كما عدى ما ذكر من الأذكار الخاصة المستحبة)[4]
فالاشياء غير الملحوظة في الجماعة والتي تختلف باختلاف ما يختاره الامام وما يختاره المأموم ومن جهة اختلاف الصلاة في الجهر والاخفات أو السفر والحضر فليس المغروس في اذهان المتشرعة المتابعة فيها
وعلى كل حال فالحديث غير تام سنداً ولا يمكن التعويل عليه لاثبات الحكم
الدليل الثاني: أصالة الاشتغال المحكّمة فيما نحن فيه مما كان على خلاف القواعد الأولية
فعند الشك في اعتبار شيء فيه فلا بد من الاقتصار على ما يحصل اليقين معه ببراءة الذمة ومن الواضح أنّه لا يقين بها الا اذا تابع في الأقوال
وواضح أنّ النوبة لا تصل الى هذا الدليل مع قيام الدليل على عدم لزوم المتابعة في الأقوال، وقد استدل على عدم لزوم المتابعة فيها بأدلة:
الدليل الأول: سيرة المتشرعة فمن الواضح عدم مراعاة المتشرعة المتابعة في الأقوال، كيف، وقد أدعي عدم إمكان مراعاة ذلك في كثير من الأحيان كما لو لم يسمع المأموم صوت الامام أو فيما لو أخفت الإمام في قراءته
ولوحظ عليه باحتمال أن تكون السيرة ناشئة من فتاوى الفقهاء فقد ذهب المشهور الى عدم لزوم المتابعة في الأقوال فلا تكون كاشفة عن الدليل الشرعي لأنّها إنّما تكون كاشفة عنه عندما ينحصر تفسيرها بالتلقي من الشارع
نعم، اذا أحرزنا قيام السيرة المدعاة عند أصحاب الائمة من المتشرعة في ذلك الزمان فلا يأتي احتمال نشوءها من فتاوى الفقهاء بل ينحصر كونها متلقاة من الشارع
أقول لعل المستدل بهذه السيرة يدعي ذلك ولو باعتبار أنّ السيرة لو كانت منعقدة في زمانهم على مراعاة المتابعة في الأقوال لبان ذلك لنا وانعكس على ما وصل الينا من النصوص، كما انعكس وجوب المتابعة في الافعال في النصوص
وحينئذ تكشف عن الحكم كشفاً انياً كشف المعلول عن العلة