46/06/20
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/ صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله (2)، وأما في الأولتين من الجهرية (3)، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة (4) جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]
حكم قراءة المأموم في الجماعة
4-الفرع الثاني: اذا لم يسمع المأموم حتى همهمة الامام في الصلاة الجهرية
يلاحظ على ما نقلناه عن صاحب الجواهر[2] حيث ذكر إمكان أن يكون جزء العبادة مباحاً بل يمكن أن يكون مكروهاً إنّه إنّما يتم فيما لو كان جزء العبادة ليس عبادة، فلا مانع في أن يكون مباحاً بل لا مانع في أن يكون مكروهاً
وأمّا في محل الكلام في جزء العبادة الذي هو عبادة في نفسه فالظاهر أنّ هذا غير ممكن باعتبار أنّه بعد الفراغ عن كونها عبادة، فمعنى أنّها عبادة يتم التقرب بها الى المولى سبحانه أنّه لا يتم امتثالها الا اذا جاء بها متقرباً
والتقرب لا يكون الا اذا أتى بشيء مقرب اليه والا فلا يمكن التقرب به اليه فلا يعقل أن يتقرب بما هو مبعّد عنه، وإحراز ذلك لا يكون الا من الأمر الشرعي أو كونه محبوباً عند الشارع وراجحاً في حدّ نفسه واذا ثبت أحد الأمرين فمعناه أنّه ليس مباحاً وهذا معنى قولهم أنّ العبادة اذا جازت كانت مستحبة
والحاصل أنّ كلام الجواهر يصح اذا قلنا إنّ القراءة ليست عبادة والا فالظاهر انه لا يتم لأنّ الاباحة لا تجتمع مع العبادة
والصحيح في المقام أنّ القراءة عبادة وهذا يلازم كونها مستحبة، فالصحيح في المقام هو الالتزام بالاستحباب لا الاباحة
فنلتزم بأنّ القراءة مستحبة
الاشكال الثاني: إنّه يلزم من إباحة القراءة الجمع بين الجزئية وبين جواز الترك
وهذا الاشكال يفترض الفراغ عن جزئية القراءة من الصلاة والظاهر أنّ هذا هو الصحيح، وهو الظاهر من كلماتهم على ما تقدم، ولذا كان محل النزاع بينهم هو القراءة بقصد الجزئية
وقد يستدل للجزئية بما تقدم من أنّ الأمر بشيء في المركب ظاهر في الارشاد الى الجزئية كما أنّ النهي عن شيء في المركب إرشاد الى المانعية، والشارع أمر بالقراءة
وهذا الكلام صحيح كبروياً لكن تطبيقه في محل الكلام يواجه إشكالين
الاول: إنّ هذا انما يتم على القول بالوجوب والاستحباب ولا يتم على القول بالإباحة فلا أمر بها حينئذ
الثاني: قد يقال إنّ هذا يختص بالأمر الوجوبي ولا يشمل الأمر الاستحبابي فضلاً عن الاباحة
أمّا الاشكال الأول فتوجد محاولة لتعميم ما ذكر الى الاباحة بأن يقال إنّ الترخيص في فعل في المركب ظاهر في الارشاد الى الجزئية على غرار ما ذكره السيد الخوئي (قده) لاستفادة عبادية القراءة من أنّ الترخيص بالقراءة في ضمن الصلاة التي هي عبادة ظاهر في كون القراءة عبادة
وهذا غير واضح
وأمّا الاشكال الثاني فبناء على التعميم السابق يرتفع هذا الاشكال فلو عممنا الحكم للترخيص فيثبت الحكم للاستحباب من باب أولى
وعلى كل حال فسواء تم هذا الدليل أو لا فقد ثبتت الجزئية للقراءة في محل الكلام عندنا
فالكلام يقع في أنّه هل يمكن الجمع بين جزئية القراءة للصلاة وبين جواز تركها؟ ومعنى كونها جزءاً من الصلاة أنّها دخيلة في المركب الواجب والقول بجواز تركها يعني عدم دخلها في المركب
وهذا الإيراد لا يختص بالإباحة بل يجري على القول بالاستحباب بخلاف الإيراد الأول فإنّه يختص بالقول بالإباحة
وتقدم فيما سبق أنّه يكفي لدفع هذا الاشكال الالتزام بأنّ هذ المباح أو المستحب يكون جزءاً في حال الاتيان به ولا يكون جزءاً في حال تركه فهو جزء من المركب عند وجوده وليس جزءاً عند عدمه، وحينئذ لا محذور في أن يكون الشيء جزءا من المركب في حال وجوده لا مطلقاً
كما ذكره السيد الخوئي (قده) في بحث الصحيح والأعم، وأشار اليه صاحب الجواهر في عبارته المتقدم نقلها
قالوا في مبحث الصحيح والأعم بناء على الوضع للأعم لا بد من ثبوت جامع يوضع له اللفظ، وذكرت اطروحات لتحديد الجامع، منها أنّه موضوع لمعظم الاجزاء، ونسب هذا الى المشهور
وأشكل عليهم في الكفاية -بعد استبعاد أن يكون موضوعاً لمفهوم معظم الأجزاء لانه يلزم منه الترادف بيه وبين لفظ معظم الاجزاء بل لواقع معظم الاجزاء- بأنّ هذا لا تعين له بكمية معينة من الأجزاء بل هو يختلف باختلاف الحالات والأفراد فيلزم التردد والتبادل في تعيين الداخل والخارج عند اجتماع جميع الاجزاء، ويلزم أن يكون الشيء الواحد دخيلاً في المسمى عند وجوده وغير دخيل عند عدمه
وأجاب السيد الخوئي (قده) عنه بأنّه ليس في ذلك أيّ محذور
واعترض عليه بعض المحققين بأنّ هذا يقتضي أن تكون العلقة الوضعية بين اللفظ وبين الأجزاء إنما تحدث بعد وجودها لأنّها في حال عدمها ليست داخلة في المسمى بحسب الفرض، وهذا لا يلتزم به أحد، فإنّ اللفظ موضوع لطبيعي المعنى سواء كان موجوداً أو معدوماً أمكن وجوده أو استحال
ويبدو أنّ هذا الاعتراض مختص بباب الوضع، وما يثبت به أنّ اللفظ يوضع لذات المعنى لا للمعنى بعد وجوده
وعليه لا يصح أن تكون العلقة الوضعية بين لفظ الصلاة وبين بعض أجزائها مشروطة بوجود الاجزاء بحيث تنعدم العلقة الوضعية قبل وجودها وتوجد بعد وجودها
والظاهر أنّ هذا لا يرد علينا في محل الكلام لأنّنا لا نريد اثبات الوضع وانما يراد اثبات أنّ الشيء يمكن أن يكون جزءاً من الواجب في حال وجوده ولا يكون جزءاً في حال عدمه
وهذا يثبت بالالتفات الى شيء واحد وهو أنّ المركب الذي نتكلم عنه مركب اعتباري لا حقيقي ليست وحدته وحدة حقيقية بل الشارع اعتبر له وحدة
فلا مشكلة في افتراض أنّ الشارع يعتبر مركباً من عشرة أجزاء ويعتبر له وحدة اعتبارية ويأمر به وفي نفس الوقت يقول إنّ هذا الجزء دخيل في حال وجوده وليس دخيلاً في حال عدمه، فيمكن الجمع بين جزئية شيء وبين جواز تركه
فالظاهر أنّه يصح أن نقول إنّ القراءة عبادة وإنّها جزء من الصلاة وإنّها مستحبة لأنّها عبادة ولا مانع في أن يكون الشيء جزءاً من المركب وفي نفس الوقت يجوز تركه