« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

46/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة

فصل في أحكام الجماعة

(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله، وأما في الأولتين من الجهرية، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]

حكم قراءة المأموم في الجماعة

1-ذكرنا أربعة اعتراضات على تقريب الاستدلال بالرواية في محل الكلام، وهذه تعتبر قرائن على عدم صحة الاستدلال بالرواية على الجواز في محل الكلام

الأمر الرابع: قوله (أيقرأ فيهما بالحمد) حيث جعل قرينة على إرادة الركعتين الأخيرتين حيث أنّ الاقتصار على الحمد يدل على أنّ السؤال حول ما يقتصر فيه المأموم على الحمد، وما يقتصر فيه المأموم على الحمد هو الركعتين الأخيرتين وأمّا الركعة الاولى والثانية فلا يقتصر فيهما على الحمد

وجوابه إنّ الامام قال (إن قرأ فلا بأس وإن سكت فلا بأس)، ومعناها إن سكت ولم يقرأ، وحملها على انه سكت عن القراءة خلاف الظاهر، فالمراد بهما الركعة الاولى والثانية لأن السكوت لا يصح من المأموم في الركعتين الثالثة والرابعة، وكأن الامام فهم إرادة الركعتين الاولى والثانية من سؤال السائل

ولا بد من حمل (أيقرأ الحمد) على إرادة السؤال حول قراءة الحمد وعدمها، لا أنّه يقتصر على قراءة الحمد

الامر الخامس: ما ذكره السيد الخوئي[2] (قده) من احتمال أن يكون السؤال في الرواية ليس عن وظيفة المأموم وانما هو سؤال عن وظيفة الامام وأنّه هل يقرأ الحمد في الركعتين اللتين يصمت فيهما أي في الركعتين الاخيرتين، فتكون الرواية أجنبية عن محل الكلام

وقلنا بأنّ هذا خلاف الظاهر فظاهر الرواية أنّ السؤال عن وظيفة المأموم، ثم إنّ لازم هذا الكلام تفسير قوله (وإن سكت فلا بأس) بالسكوت عن القراءة ومرجعه الى التخيير بين القراءة والتسبيح وهو خلاف الظاهر لأنّ الظاهر من السكوت السكوت المطلق

وبناء على هذا تتم دلالة الرواية على الجواز في محل الكلام

وأمّا الروايات المانعة فقالوا يحتمل أن تكون واردة في مورد توهم الوجوب فلا تدل على التحريم كما التزم به كثير من المحققين

قال في الرياض: (مع قوة احتمال وروده هنا لدفع توهم وجوب القراءة كما زعمته جماعة من العامة)[3]

وفي مصباح الفقيه (انه لا يستفاد من النهى المتعلق بما هو واجب لولا النهى أزيد من الرخصة في تركه لا لزومه فلا يستفاد من نهى المأموم عن القراءة خلف الإمام أزيد من سقوط التكليف بالقراءة عنه)[4]

ويلاحظ عليه

أمّا مسألة ذهاب بعض العامة الى الوجوب فالتعويل عليه بحاجة الى اثبات باعتبار أنّ الروايات المانعة كثيرة ويبعد جداً أن تصدر جميع هذه الروايات لمجرد دفع توهم الوجوب الناشيء من ذهاب بعض العامة الى الوجوب

وبعبارة اخرى ان هذا انما يتم فيما لو كان توهم الوجوب حالة شائعة ويشكل ظاهرة بحيث يكون هذا راسخاً في اذهان المخاطبين وهذا يكون فيما لو اتفقت العامة على وجوب القراءة خلف الامام، ونتيجة مخالطة الاصحاب لهم ينشأ توهم الوجوب في اذهان المخاطبين بالروايات، وأمّا في مورد ذهاب بعض منهم خصوصاً المتاخرين منهم فحمل الروايات الكثيرة على مجرد دفع هذا بحاجة الى اثبات بشكل واضح حتى يمكن التعويل عليه

وأمّا ما ذكره المحقق الهمداني (قده) فيلاحظ عليه إنّ هذا انما يتم اذا كانت النواهي محل الكلام هي الدليل على سقوط التكليف بالقراءة عن المأموم فيقال بأنّ النهي لما تعلق بما هو واجب لولاه جائت هذه الأدلة لبيان أنّ هذا ليس واجباً فيقال بأنّ هذا واجب لولا النهي

وأمّا لو فرض في النواهي سقوط الوجوب وتحمّل الامام القراءة عن المأموم فلا مجال للقول بأنّها لا تدل الا على سقوط التكليف

وبعبارة أخرى إنه أخذ في موضوع هذه النواهي عدم وجوب القراءة على المأموم وسقوط التكليف به، فلا بد أن يكون للنهي مدلول آخر غير دفع توهم الوجوب وليس هو الّا التحريم

والقرينة أنّه أخذ قيد (يأتم به) ويقتدى به أو كون الامام مرضياً في كل الروايات وهي اشارة الى تحمل الامام القراءة عن المأموم في قبال الصلاة خلف من لا يقتدى به، فهو يتحدث عن قراءة للمأموم سقط وجوبها عنه وقد تحملها الامام عنه والروايات تنهى عنها

وعلى هذا يبدو انه يمكن دفع هذا الاشكال فلا مانع عن الأخذ بظهور الروايات في التحريم

وبهذا نصل الى التعارض بين الروايات، وقد ذكرت وجوه لعلاج حالة التعارض بين الطائفتين

أهمها: حمل الروايات المانعة على الكراهة كما ذهب اليه المشهور، ومنشأ هذا الحمل هو صراحة الروايات الدالة على الجواز في الجواز، بينما الروايات المانعة ظاهرة في التحريم فيتصرف في الظاهر لصالح النص بحمله على الكراهة، وهذا ليس مستغرباً في الأدلة

وإن نوقش في النصوصية يقال بأنّ صحيحة علي بن يقطين أظهر في الجواز من الروايات المانعة في التحريم ويقدم الأظهر على الظاهر وهو من قواعد الجمع العرفي

وقد يعترض عليه بأنّ هذا قد يتم في الروايات المانعة (لا تقرأ خلفه) لكنه لا يتم في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم التي افادت أنّ مَن قرأ خلف امام يأتم به (بعث على غير الفطرة)

وتقدم جوابه بأنّ هذا شائع في الأخبار فكلما يتشدد المنع يكون الظهور في الكراهة أوضح

فنقول بأنّ هذه الرواية لا تأبى عن الحمل على الكراهة

مضافاً لإحتمال أن يكون المقصود في هذه الرواية القراءة بقصد الوجوب والإلزام، فتخرج عن محل الكلام فليس هو القراءة بقصد الوجوب لأنّ الوجوب ساقط بلا اشكال، وإن كان محل الكلام القراءة بقصد الجزئية، لأن الوجوب غير الجزئية، فلا اشكال في سقوط الوجوب وإن كانت المشروعية باقية، فالرواية تنهى عن القراءة بقصد الجزئية فتكون الرواية أجنبية عن محل الكلام

بل قال بعضهم أنّ المقصود بالرواية من يقرأ بقصد الوجوب من المخالفين فإنّ بعض العامة ذهب الى وجوب القراءة والامام قصدهم فقال من مات منهم مات على غير الفطرة


logo